تأثير مراكز بيانات الحوسبة السحابية العالمية على تقنية المعلومات في المنطقة

تواردت أخبار عن نية عدد من شركات التقنية مثل أمازون لإنشاء مراكز بيانات حوسبة سحابية في السعودية وهذا المقال محاولة لتحليل تأثير هذه المراكز على تطور سوق التقنية في المنطقة وخاصة على المنشئات والمشاريع الناشئة


الحوسبة السحابية بإختصار

بالرغم من أن فكرة الحوسبة السحابية وكثير من تقنياتها قديمة إلا أن تطور تقنياتها وانخفاض تكاليفها زاد من إنتشار الخدمات السحابية في السنين الماضية. في السابق، تحتاج أي منشئة الى مركز بيانات محلي لتخزين وإدارة البيانات يحتوي على خوادم مربوطة بشبكة محلية. تحتوي هذه الخوادم على تقنيات مختلفة لخدمة الشركة مثل

خوادم البريد الإلكتروني أو برامج إدارة الموارد وغيرها.


الحوسبة السحابية في المقابل تغنيك عن إنشاء مركز بيانات محلي لك عن طريق

إستغلال خوادم مربوطة بالانترنت توفرها شركات التقنية لتخزين ومعالجة البيانات. توفر مراكز الحوسبة السحابية طبقات مختلفة من التقنية تخدم اغلب متطلبات المنشئات من البنية التحتية التقنية حتى تطبيقات الأعمال

يمكن معرفة المزيد عن الحوسبة السحابية عن طريق قناة الدكتور عبدالعزيز الباتلي هنا

نظرة عامة إلى مشاكل الحوسبة السحابية بالمملكة

بالرغم من إنتشار مراكز الحوسبة السحابية في العالم الا ان الشرق الأوسط متأخر في هذا المجال. دراسة قامت بها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات عن خدمات مراكز المعلومات والخدمات المدارة وخدمات الحوسبة السحابية في المملكة عام ٢٠١٥ وجدت أن أكثر مشاكل الحوسبة لدينا هي:


١. الأسعار: هناك عدة مشاكل على أسعار الخدمة أهمها: إرتفاع التكاليف و ظهور تكاليف الغير متوقعة أو المعلنة. بالنسبة لارتفاع التكاليف باعتقادي ان مجيء منافس جديد للسوق سيزيد منافسة الشركات في تقديم أسعار أقل لمراكز البيانات. قد تكون الأسعار الحالية مبررة لصعوبة بناء مراكز البيانات وما يتطلبه المركز من صيانة وإدارة مستمرة لكن غياب الدافع في تطويرها وتقليل تكاليفها سيبقى الأسعار كما هي بدون منافس خارجي. المشكلة الأخرى هي ظهور تكاليف غير معلنة أو متوقعة وفي هذا السياق طورت كبرى شركات التقنية منتجات متنوعة لمراقبة وإدارة التكاليف بشكل فوري وواضح.


٢.الدعم الفني: يعتبر انخفاض مستوى الدعم الفني من أكبر المشاكل التي يواجهها مستخدمي مراكز الحوسبة نظراً لمحدودية التحكم بالمركز. مشاكل مراكز البيانات اما ان يتم حلها عن طريق الشركة المضيفة أو عن طريق العميل\المستخدم. مشكلة كثير من مراكز البيانات الموجودة حالياً هو انها مصممة بطريقة مميزة قد لاتجدها في أي مكان في العالم ولذلك حل المشاكل سيأخذ وقت أطول وقد ينتج عنه زيادة التكاليف وتأخر المشاريع. في المقابل حضور مراكز بيانات شركات التقنية الكبرى في كل مناطق العالم وإنخفاض تكلفتها زادت من عدد العملاء حول العالم. إتساع رقعة عدد العملاء حول العالم يزيد من فرص وقوع مشاكل تحلها الشركة وتنشر طرق تفاديها. تجربتي لعدد من مقدمي خدمات الحوسبة السحابية ان كثير من المشاكل او التعليمات التي تحتاجها لإصلاح خدمة معينة تم الكتابة عنها إما عن طريقة الشركة أو مستخدمين أخرين للمركز.


٣.نقص المرونة: عند بناء مركز بيانات يحتاج مهندسي المركز للعمل على كثير من النقاط التي يصعب تغييرها على المدى البعيد. تبدأ عملية بناء مركز البينات بالاستعانة بمهندس معماري لدراسة طريقة تصميم المركز بشكل صحيح. ومن ثم يتم دراسة المتطلبات المتوقع للمركز ومحاولة معرفة الأجهزة والتقنيات المتوفرة للشركات في المنطقة. بعد الوصول الى قرار شراء الأجهزة، تستغرق عملية شحن الأجهزة والأدوات أكثر من ٦٠ يوماً. عند طلب عملاء المركز تغيير في التقنية او البنية التحتية قد يحتاج الى وقت مماثل أو أكثر . حتى الخدمات السحابية الموفرة من الشركات العالمية تضع حدوداً لما يمكن تنفيذه وتطويره الا ان الخيارات التقنية والتطويرية أكبر بكثير من مثيلاتها وتأخذ وقت أقل للتشغيل والتعديل.

تاثير الحوسبة السحابية على المشاريع الناشئة

شح المصادر التقنية والمالية للشركات والمشاريع الناشئة أدى الى زيادة كبيرة في إستخدام الحوسبة السحابية لهذه الشركات. الكثير من الشركات العالمية والمحلية مثل Netflix و Snapchat و حراج تستعمل الحوسبة السحابية لتخزين وإدارة بياناتها. يمكنك معرفة تفاصيل أكثر عن تجربة موقع حراج مع أمازون AWS في حديث لمؤسسه يوسف الرشيدي هنا.


اذا كنت مسوؤلاً تقنيا عن مشروع تقني فجيب فهم متطلبات المشروع الحالية والمستقبلية. ومعرفة الحلول المتوفرة من شركات الحوسبة السحابية. هناك عدة اختلافات بما تقدمه الشركات من حيث الدعم، التكاليف، وغيرها .


من خلال تجاربي لعدة خدمات السحابية في مشاريع مختلفة لاحظت أن مايميزها هو:


  1. التكاليف: سابقاً عند بدء أي مشروع تقني تحتاج الى حجز مساحة معينة في مركز بيانات أو إستضافة وغيرها. المشكلة في كثير من الأحيان أنك لاتعرف بالضبط ماتحتاجه من مواصفات ولايمكن التنبؤ بالنمو المستقبلي خاصة في المشاريع التقنية ولذلك تكون أما دفعت لمواصفات اكثر او اقل من احتياجك . بالمقابل شركات الحوسبة السحابية تتيح لك الدفع حسب الإستخدام وهذا مهم جداً للمشاريع التقنية خاصة عندما يكون النمو فيها كبير وغير متوقع بسبب حملة إعلانية أو غيرها من العوامل.

  2. التقنيات المتوفرة: أكثر التقنيات المتطورة بالعالم لم تكن متاحة إلا لعدد بسيط من الشركات الكبيرة اما لإرتفاع أسعار التقنية أو إرتفاع تكاليف تطويرها داخلياً. مع توسع شركات التقنية العالمية أصبح لأي شركة المقدرة في إستخدام انظمة مطورة من أفضل الشركات بالعالم منها مثلا BigTable من Google أو DynamoDB من Amazon. هذه الأنظمة وغيرها تدرس في أغلب الجامعات كنموذج لإخر ماوصلت اليه بعض الأنظمة قواعد البيانات والموزعة من تطور.

  3. قابلية التوسع: عندما عملنا على مشروع “يمدي” كان توقعنا أن لايزيد عدد الطلبات في اليوم عن ٢٥٠٠ طلب. المفاجأة حصلت بعدما أنتشر رابط التطبيق في شبكات التواصل الإجتماعي. هذا الإنتشار المفاجىء زاد من مرات التحميل وهذه الزيادة أدت الى تعطل التطبيق في أول ايامه. إحتجنا أكثر من ٥ أيام لتعديل التطبيق ورفعه من جديد لحل المشكلة. لكن السبب الرئيسي كان محدودية التوسع. أغلب مقدمي خدمات الحوسبة السحابية يدركون هذه المشكلة جيداً وخاصة مع البرامج التقنية ولذلك تجد أن أغلب مراكز الحوسبة السحابية العالمية مزودة بأدوات تسمح بتوسع البنية التحتية حتى من دون تدخل بشري!

  4. سهولة التطوير والأختبار: من أكبر مشاكل البرمجيات التقنية هو تقبل السوق لمنتجك التقني. لذلك يجب على رائد الأعمال محاولة عمل كل مايمكن لإختبار التقنية بأسرع وقت ممكن. الكثير من شركات الحوسبة السحابية سهلت أنشاء التقنيات والبرمجيات عن طريق دعمها للغات برمجة ومنصات مختلفة. لنفرض انك قررت استخدتم لغة بايثون للبنية التحتية لمشروعك التقني. بعد فهمك لمتطلبات المشروع من المرجح ان تجد منصة مطورة من شركة الخدمات السحابية للغة البرمجة مما يسرع عملية تطوير البنية التحتية ويقلل المخاطر على المشروع. أمازون على سبيل المثال طورت (AWS SDK for Python) وهي رزمة تتيح لك ربط مشروعك بمنصة AWS السحابية بسرعة. على نحو مماثل منصة مايكروسفت السحابية Azure تحتوي على خدمات ورزمات مماثلة. بالطبع نقاط الضعف والقوة عند الشركات الخدمات السحابية تختلف لذى فهم متطلباتك بشكل جيد ومحاولة الوصول الى أفضل الحلول عن طريق مقارنة التقنيات المتوفرة, الأسعار . الدعم الفني وغيرها مهم جداً


كيف تبدأ مشروعك بأحد الخدمات السحابية؟

من الأشياء المحفزة لبدء مشروعك السحابي هو أن أغلب شركات التقنية لديها برامج لدعم الشركات الناشئة برصيد مجاني يصل احياناً الى أكثر من ٣٠ ألف دولار. تختلف شروط الحصول على الرصيد المجاني على حسب الشركة والتقنيات المطلوبة. كلي ثقة أن وجود أحد هذه المراكز العالمية في منطقتنا سيزيد من فرص الحصول على رصيد مجاني للشركات الناشئة في المنطقة. أو ان تقوم حاضنات ومسرعات الأعمال بالمنطقة بالتعاقد مع هذه الشركات مثل ماتفعل برامج عالمية كثيرة بالتعاون مع Google .هذه قائمة ببرامج الشركات التي تقدم دعم للمشاريع الناشئة:

ماذا تحتاج من خبرات لبدء العمل؟

الخبرات التي تحتاجها لمشروعك التقني تعتمد على متطلبات المشروع التقنية لكن هناك بعض العناصر الهامة التي يصعب إتمام مشروعك السحابي بدونها. هذه العناصر أتفقت أغلب شركات الحوسبة السحابية على اهميتها وقامت بانشاء شهادات وإختبارات بالرغم من إختلاف مسمياتها وهي كالإتي:


  1. مهندس/مخطط رئيسي: المهندس الرئيسي للمشروع قد يكون صاحب المشروع أو المسوؤل عن الجانب التقني. تكمن أهميته المنصب في جانبين: الجانب الأول هو في فهم مستقبل المنتج ومايتطلبه من تقنيات وأدوات، الجانب الثاني هو فهم التقنيات المتوفرة في مركز الحوسبة السحابية وكيفية تمكينها للوصول الى منتج أولي. بالرغم من كثرة الخيارات التي تحتاج الى دراسة الا ان كثير من المشاريع التقنية قد تستخدم خدمات بسيطة من المنصات السحابية مثل التخزين وغيرها.

  2. مسؤول النظام: يكون مسوؤلاً عن مراقبة ومتابعة أداء الخدمات المستخدمة ويكون مسوؤلاً عن جاهزية النظام. حاجة المشروع لمدير النظام تعتمد على حجم المشروع وعدد التقنيات السحابية المستخدمة فيه. من المهم أن يكون الشخص متمرس بانظمة تشغيل Linux وقواعد البيانات المختلفة.

  3. المبرمجين والمطورين: قد لاتختلف لغات البرمجة المستخدمة في الحوسبة السحابية ولا الأساسيات عن غيرها لكن الصعوبة تكمن في إيجاد مطور لديه خبره في تقنيات والرزم البرمجية التي تكون موفرة من شركة معينة وغير متوفرة في مكان اخر (مثال سابق: BigTable او DynamoDB). الصعوبة الثانية في تغير طريقة تصحيح ومعالجة الكود.

  4. غيرها: قد يكون هناك أدوار أخرى غير ماذكر سابقاً حسب متطلبات المنصة التقنية مثل وجود خبير امني، مدير قواعد بيانات، محلل نظم، مدير للجودة، … وغيرها من الأدوار.





أشكر كلاً من أحمد الجبرين، فهد الرويتع، علي الخضير، عبدالرحمن الموسى على قراءة نسخة أولية من المقال

Join