المرأة السعودية و تموضع رؤية المملكة 2030
تمكين المرأة, تعزيز دور المرأة, المراة نصف المجتمع و تلد النصف الآخر …و غير ذلك الكثير من الشعارات التي تتحدث بإسهاب عن وضع المرأة السعودية في دولة ما بعد الرؤية. و لكن من وجهة نظري كمتابعة و راصدة للتحول الفكري و المجتمعي و الاقتصادي الذي يتغشى كافة مناحي الحياة في المملكة, لم أؤمن انه قد تم بالفعل تمكين المرأة الا بعد أن أصبح جليا للعيان تسنم المرأة للعديد من المناصب في كافة الوزارات و القطاعات الحكومية و شبه الحكومية و التي كانت في الماضي القريب قصرا على الرجال و لا ينال النساء منها الا الفتات و حتى و ان تسلمت المرأة منصبا اداريا فأنها لا تكون أكثر من سكرتارية تنفيذية لتطبيق الاوامر مكانها يقبع في الهامش لا المتن. لقد آن لنا أن نحتفل أخيرا و بعد سنين طوال و عجاف بإزاحة العبء, و لو جزئيا, عن وزارتي التعليم و الصحة اللتين كانتا و لعقود طوال المرفأ الوحيد الذي تلجأ له المرأة السعودية بصفتها باحثة عن العمل. و لتفصيل أكثر فيما يخص خارطة الطريق التي كانت تسلكها المرأة السعودية عندما تنهي سنوات الدراسة الرسمية و تصبح خريجة جامعية فإنها إما أن تكون قد تخرجت من كليات التخصصات الطبية أو الصحية هنا لا تواجه المرأة مشكلة كبيرة للإلتحاق بأحد المستشفيات الحكومية. المشكلة الأكبر تكمن لدى خريجات باقي التخصصات النظرية و العلمية في الجامعات السعودية. إنه تعبير واحد و أوحد إستخدمنه النساء السعوديات لسنوات طويلة و شاحبة "سأنتظر التعيين” و التعيين هنا لا يعني شيئا أكثر من الإنضمام لجحافل من الخريجات من مختلف التخصصات انتظارا لإعلان وزارة التعليم عن احتياج وظيفي.
ليس هناك من ألم اعظم من أن تحبس بداخلك حكاية لم تروى
مايا أنجلو
الحكايات التي لم ترويها السعوديات ممن نضجن و اختبرن الحياة قبل نحت صانع التغيير و ترياق الأمل سمو الأمير محمد بن سلمان لرؤية المملكة 2030. هؤلاء السعوديات لم تروى الكثير من حكاياتهن حينما عايشن اندحار الصحوة التي سلبت منهن حرية الفكر و حب الحياة و تقمص الأمل, تقول الأديبة السعودية أميمة الخميس “ ما من طريقة سوى أن نشرئب لنصنع كوة ضوء”. الجيل الجديد شهدن تقهقر تيار الصحوة لكنهن قد لا يدركن عمق الأزمة الحياتية و الفكرية التي صبغ بها التيار الصحوي منافذ الوجد بالحياة و التطلع للأفضل. لم يعايشن المدارس التي هددت بالحرق كأحد إفرازات مناخ التوجس و التشكيك الذي كان مؤطرا لحركة المرأة السعودية في ذلك الوقت. جيل الرؤية لا يرى أمامه الا سمو الاميرة ريما بنت بندر و الباحثة الدكتورة غادة المطيري و مهندسة علوم الفضاء مشاعل الشميمري و القائمة تطول عن نساء بلدي اللاتي اصطففن و شكلن جوقة نسائية نجحت في تصدير صورة مشرقة عن النساء السعوديات. في النهاية مقالي هذا ليس دعوة لنصب بكائيات على ما مضى بل هو شهادة على العصر القاتم الذي عاشته السعودية كدولة و السعودية كامرأة و الذي ولى دون رجعة.