كيف تحمي اقتصادك من فقاعة الشركات الناشئة في الشرق الأوسط؟


ما يمكن عمله لضمان مستقبل صناعة الابتكار الرقمي في المنطقة

- القسم الثاني: خطوات العمل -

علاءالدين ربيع Eden Rabbie
19 يوليو 2023

يضم هذا المقال رسومًا بيانية. تأكد من قدرتك على رؤيتها.

المحتويات

1. هل نحن في فقاعة

تطور العرض والطلب في المنطقة

هل هناك ما يبرر زيادة سعر الشركات الناشئة في المنطقة

2. هل لدينا تاريخ فقاعي

3. كيف تحضر اقتصادك للمناخ 2.0

الفقاعات المشابهة حول العالم

الاستغلال الناجح للفقاعة لبناء صناعة ابتكار رقمي حقيقية

4. معالم السياسة الوقائية

حصر حجم انكشاف اقتصادك على الفقاعة

وضع سيناريوهات متعددة لما يمكن أن يحدث

5.  أهداف السياسة الوقائية

تهيئة اقتصادك لمنع أي مخاطر نظامية محتملة

6. حماية الابتكار: نموذج ضامنات مستقبل الابتكار الرقمي

ما الذي تعنيه عبارة “مأسسة صناعة الابتكار الرقمي”

القيمة المستهدفة وعوامل الجذب

خاتمة: العائد على دولتك من حماية الابتكار

3. كيف تحضر اقتصادك للمناخ 2.0؟

إن التحدي الحقيقي هو للاقتصادات المجاورة للمملكة.


فمع تقدير أن المملكة هي الفاعل الأساسي في مجال الاستثمار الجريء في المنطقة اليوم، إلا أن لها ـ في نهاية المطاف ـ دورًا تجاه مواطنيها واقتصادها هي. هذا مفهوم ومتوقع.


لكن خارج المملكة، هل أنت قادر على حماية اقتصادك وشركاتك ومستثمريك وأصولك، مع استيعاب أنك لا تملك أي تحكم في ما يحدث في المملكة؟


هل اقتصادك قادر على التصدي لهذه المخاطر الداخلية وأي مخاطر نظامية محتملة برغم امتلاك صناديق المملكة السيادية كل القوة السوقية؟


والسؤال الأهم: كيف تضمن نجاة صناعة الابتكار في دولتك إذا ما انفجرت الفقاعة؟ أو ما هو أسوأ: إذا لم تنفجر الفقاعة وبلغت حالة الاستقرار بأسعار أعلى من المتوسطات العالمية؟


أولى الخطوات في بناء سياسة وقائية هي بترك مساحة لأنفسنا للتعقل وفهم طبيعة الفقاعة.

الفقاعات المشابهة حول العالم

سبق لجميع منظومات الاستثمار الجريء الناجحة حول العالم أن شهدت مرحلة فقاعية مشابهة. بل إن أغلبها اليوم، من وادي السليكون إلى سنغافورة، هي في حالة انفجار فقاعة انفتاح ما بعد الوباء، وهو ما نلاحظه في الانخفاض الكبير في التمويل وأسعار الشركات الناشئة.


منطقتنا نحن تأخر انفجارها لثلاثة أسباب:

  1. وفرة التمويل السيادي السعودي من جهة

  2. وصغر حجم المنظومة من جهة

  3. وتفادي صناديق الاستثمار العالمية للمنطقة لعدم جاذبية أسواقها.


كان لهذه الأسباب الثلاثة أن خفضت من أي تأثير نظامي نال من تلك المنظومات العالمية. عندما انهار سيليكون فالي بانك في مارس الماضي لم يكن تأثيره يذكر في منطقتنا، بينما كانت للشركات الناشئة في الهند ودائع تفوق المليار دولار كأثر طبيعي لاستثمار صناديق أمريكية كبرى في المنظومة الهندية.


هي مفارقةٌ أن عوامل ضعف منظومة منطقتنا كانت نعمة ونقمة معًا، فتسببت في حمايتها من التوابع الكبرى أثناء الانخفاض الاقتصادي العالمي.


الفقاعة إذًا مرحلة عادية في دورة حياة منظومات الاستثمار الجريء.

الاستغلال الناجح للفقاعة لبناء صناعة ابتكار رقمي حقيقية (يوزما 1995)

لكن لانفجار الفقاعة أيضًا فائدة أكبر. فائدة كانت محرك أنجح وأكفأ مبادرة لصناعة منظومة شركات ناشئة في تاريخ الشرق الأوسط والعالم: يوزما في إسرائيل 1993-2000.


من المعروف أن منظومة إسرائيل تأثرت مع انهيار الدوت كوم في 2000. في 2001 انخفضت الاستثمارات بـ 70%، وفي 2002 سجلت الاستثمارات رقمًا بالسالب لأول مرة نتيجة تراجع الصناديق عن التزاماتها.


لكن الأقل شهرة كان في أول عامين ليوزما (1993-1995)، حين مرت المنظومة بظروف مشابهة لحالنا اليوم: إطلاق يوزما وما صاحبه من سيولة جديدة ونجاح شركات التقنية الإسرائيلية في دخول السوق الأمريكية تسببا في زيادة الطلب المحلي على الاستثمار في شركات التقنية الإسرائيلية.


لكن تزايد عدد مستثمري المرحلة المبكرة في إسرائيل جلب أغلبية من مدراء الصناديق تطبق نفس آلية العمل التقليدية وعقلية المضاربة، مع رفض تام لمجرد مساءلة قدرتها على التعامل مع هذا النوع من شركات النمو التي تستهدف الأسواق العالمية.


تجلت أعراض الأزمة المبكرة في أول صناديق يوزما "جيميني"، فاضطرت إدارة يوزما إلى تعديل توجهها في 1995. هكذا أصبحت كل صناديق يوزما مبنية على فكرة الشراكة المحدودة بين فريق استثمار جريء إسرائيلي وفريق استثمار أجنبي من صناديق ذات الخبرة في الأسواق العالمية، معًا يكونان الفريق الذي يدير كل صندوق من الصناديق التي تمولها يوزما.


فرضت إدارة يوزما على جميع صناديقها التركيز على قطاعات تكنولوجيا معينة دون غيرها، وزيادة التركيز على جودة الشريك الأجنبي، والتأكد من أن كل القائمين على الصناديق يملكون خبرة في قطاعات التكنولوجيا المحددة هذه دون تهاون، إلى جانب التحقق المباشر من تعلم الشريك المحلي من الشريك الأجنبي ونقل الخبرة والمعرفة.

كان هذا التوجيه الاستراتيجي السبب في طفرة ما بعد 1995 التي نقلت مجال الاستثمار الجريء والشركات الناشئة في إسرائيل إلى مرحلة المأسسة كصناعة ونشاط اقتصادي واضح المعالم وجاذب للاستثمار الأجنبي. هذه المأسسة كانت العامل الرئيس في الحفاظ على قاعدة صلبة تمكنت من الصمود لما بعد انهيار 2000.


لكن إلى جانب ترسيخ الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة كصناعة مؤسسية، سببت هذه الأزمة الكبرى تسريعًا لعملية الانتخاب الطبيعي والتطور في المنظومة ككل. فمع الأزمة أغلقت أغلبية كبيرة من الشركات كانت معدومة القيمة الأساسية، وأغلقت صناديق الاستثمار فقيرة الخبرة وذات عقلية المضاربة، ومن ثم عندما أراد بناة المنظومة وضع توجيه استراتيجي جديد وجدوا موردين في منتهى القيمة: ذاكرة حية تستشهد بها لما ينبغي تفاديه في عقلية الاستثمار وأسلوب إدارة الصناديق، وقاعدة ناجية من الفاعلين الاقتصاديين ذوي القيمة الأساسية والخبرة الحقيقية، لتكون نواة مرحلة دمج ما بعد الأزمة.


هذا التوجيه الاستراتيجي هو ما بنى صناعة الاستثمار الجريء والشركات الناشئة في إسرائيل.


وهي الفرصة التي أصبحت متاحة اليوم لأول مرة في تاريخ منطقتنا، إذا ما تمكنت من استغلال هذه الفقاعة لتحقيق مأسسة لصناعة حقيقية للاستثمار الجريء والابتكار الرقمي في دولتك.

 

 مع تفصيلة واحدة إضافية: "دون الحاجة لانتظار انفجار الفقاعة."


وهذه هي الخطوات:


4. معالم السياسة الوقائية

حصر حجم انكشاف اقتصادك على الفقاعة

الاستثمار الجريء في الشرط الأوسط وشمال إفريقيا هو واحد من الأنشطة القليلة في المنطقة التي يمكن وصفها عن حق بالإقليمية.


من عمان إلى مصر، كلها سوق واحدة يعمل فيها عدد محدود من مديري الصناديق يعرفون بعضهم البعض، يجمعون تمويلهم من مصادر متشابهة إن لم تكن هي نفسها، ويستثمرون في شركات متشابه، وكثيرًا في يستثمرون في نفس الشركات. وحتى تلك الشركات يعرف مؤسسوها بعضهم البعض.


إضافة لذلك فإن الشركات الناشئة التي يستثمرون فيها هي الأخرى تستهدف ثلاثة أسواق: الإمارات والسعودية ومصر، وغالبًا ما تتوسع فيها بهذا الترتيب.


هذا ما يجعل الانكشاف على الفقاعة إقليميًا هو الآخر، وغير مقيد بالمملكة وحدها.

 

خطوة أولى لحصر حجم انكشاف اقتصادك ستحتاج إلى تقدير عدد الشركات المنكشفة في دولتك وما تمثله من تعداد وقيمة سوق الشركات الناشئة المحلي. هذا كفيل بتوضيح مدى جدية الوضع وتأثيره على مجال الاستثمار الجريء والشركات الناشئة في دولتك ككل.


من هنا يمكنك تقدير عدد الوظائف الدائمة في هذه الشركات، وتاليًا يمكنك تقدير حجم رأس المال المحلي المقفل في أصول الشركات المنكشفة المحلية والإقليمية، إذا لم تكن لديك آلية رقابية تتيح لك هذه المعلومة بالطبع. وأخيرًا يمكنك حصر الانكشاف الائتماني المحلي لهذه الشركات ومستثمريها.

 

متوسط الإجمالي التقديري لقيمة الشركات التي لديها انكشاف معلن نتيجة تمويل غير مباشر من صندوق سيادي سعودي في المنطقة هو 16 مليار دولار، 11 مليار منها هي القيمة التقديرية للشركات المنكشفة خارج المملكة.


حصة الإمارات هي الأكبر بـ 8.9 مليار دولار هي قيمة 106 شركات أعلنت عن جمعها 2.6 مليار دولار. تليها مصر بـ 2 مليار دولار هي قيمة 94 شركة أعلنت عن جمعها 700 مليون دولار.


إذا حصرنا الانكشاف في شركات المرحلة المبكرة حتى السلسلة ب، فإن قيمة الشركات ذات الانكشاف في المنطقة هي 4.7 مليار دولار، منها 3.1 مليار قيمة الشركات المنكشفة خارج المملكة. من جديد، حصة الإمارات هي الأكبر بـ 2 مليار دولار، تليها مصر بـ 1 مليار دولار.


هذا يعني 3 أرقام مهمة:

  1. 26% من جميع الشركات الناشئة الإماراتية منشكفة، تبلغ قيمتها 8.9 مليار دولار، تمثل 60% من إجمالي القيمة السوقية لجميع الشركات الناشئة الإماراتية.

  2. 36% من جميع الشركات الناشئة المصرية منكشفة، تبلغ قيمتها ملياري دولار، تمثل 50% من إجمالي القيمة السوقية لجميع الشركات الناشئة المصرية.

  3. أما المملكة، فالمعلن انكشافه هو 75% من جميع الشركات الناشئة، تمثل 98% من إجمالي القيمة السوقية لجميع الشركات الناشئة السعودية.

Join