قطار الحياة 

all the way with my mom

29 ديسمبر 2021

بدون أي مقدمات لقد توقفت عن المدونة ما يقارب العام وليس الامر أنى لا املك وصفة مناسبة لنشرها بالعكس لقد كان هناك الكثير من الطهي والتجارب في المنزل، لكن حافزي

لتوثيق كل ذلك وضعته جانبا كما ابتعدت كثيرا عن استخدام الانترنت وتوقفت بشكل شبه كامل عن متابعة مدونات الطعام

حدث الامر في البداية بدون تخطيط وبشكل تلقائي اذ استجدت الكثير من الامور التي انشغلت معها لكن بعد ذلك بفترة وجيزة  اخذت صحة والدتي رحمها الله بالتأرجح كالبندول وعلى اثر ذلك تفرغت بشكل كامل ليس لرعايتها فقط بل لاحتضان كل اللحظات معها والانغماس حتى الغرق في تفاصيلها


حسنًا هناك بعض الاحداث الاخرى اذ تخرجت ابنتي الثانية من الجامعة وبدأت رحلة جديدة لتحديد مسارها المهني، وتمت خطوبة ابنتي الثالثة والتي سوف تتخرج هذا العام بأذن الله، اما ابنتي الصغرى هديل فقد تمكنت من خوض تجربتها الاولى في الاخراج السينمائي من خلال فيلمها الاول والذي عرض في مهرجان افلام السعودية بالشرقية وحظي بالاستحسان، انها احداث عظيمة لكنها لا تذكر فقد رحلت امي وعلى اثر ذلك انتقلنا الى منزل جديد.

لا يمكنني تخيل او تصور هذه التغيرات الجذرية اذ بدأت الاحداث بالتوالي بشكل متسارع واصبحت كل مخططاتي الاخرى معلقة وتلاشت كل الاهتمامات لتصبح امي محور ايامي انتقلت الى غرفتها وصار يومي يبدأ وينتهي معها وشعرت اني امضي ايامي كعد تنازلي مستمر لا اعرف متى سيتوقف وخلال الاشهر الاخيرة معها لا اعتقد اني قمت حتى بكتابة حرف واحد او توثيق لحظة لقد انكفأت بشكل كامل في خوض هذه الرحلة واصبحت الصوفا المجاورة لسرير والدتي ملجأي للراحة تجاورها طاولتي التي احمل فيها كتاب للقراءة وكراسة للرسم، لقد توقفت عن التخطيط واعداد الطعام واعتقد اني مارست هذه الجزء المفضل من خلال اعداد وجباتها الخاصة والتي كانت تحضر وتطهى بطريقة مختلفة وتنحصر في نوع او نوعين، وانغمرت في روتين امي بين الجلوس معها لمراجعة القران و ملاعبتها واستقبال الزوار من الاقارب والصديقات او مشاهدة قنوات اليوتيوب المفضلة لديها.

لقد كانت ايامي في الاشهر الماضية وبالتحديد الايام الاخيرة من مرض امي رحمها الله، كرحلة قطار ما ان صعدت فيه الا وقد اغلقت جميع الابواب وتسارعت عجلاته ورغم رعبي من زخم تسارعه واندفاعه الا اني شعرت ببعض السلام فالعربات فارغة ولا يوجد سوى امي وانا نشاهد صور ذكرياتنا معا وهي تتوالى من نافذة القطار مثل شريط سينمائي.

هذا جعلني ادرك بشكل دقيق ان القطار يهدف للوصول الى محطة معينة وبرغم اني كنت واعية بفكرة رحيل امي لكن من يدري ربما انحراف واحد عن السكة او تحويلة تجعل رحلتنا تنتهي الى محطة مختلفة، لقد شعرت بنفسي اندفع دفعا وانزلق بمجرى جديد وامي تترجل من القطار الذي يتخذ وضعية جديدة لينطلق في مسار اخر و من خلف النافذة ارى امي تودعني بنظرات مطمئنة ممزوجة ببعض الحزن لكنها مغمورة بالأمل سرعان ما تختفي تحت شعاع من الشمس ينغزني فاستيقظ في منزل جديد وبحر من الفراغ يغمرني.


في ذكرى رحيل امي زهراء علي

19/11/2021م

اللهم عطر قبرها برائحة الجنة وارحم نفسها الطيبة

 واغفر لها واجعلها من الضاحكين المستبشرين


Photo by JK 

Photo by Toa Heftiba 

Photo by Brian Suman 

All on Unsplash

Join