رثاء لأخي الراحل الشهيد بإذن الله

“ناصر عبدالله الطوالبة”

د.أسامة عبدالله الطوالبة

أخي ناصر بماذا أرثيك
أخي وصديقي ورفيقي وسندي وقرة عيني .. 
ان العين لتدمع وإنا على فراقك يا ناصر لمحزونون .. 
ماذا اكتب لك يا ناصر .. ابو النصر .. ابو النون .. بعد هذا الفراق الأبدي ..
وهل ترك لي أصدقاؤك وزملاؤك ومعارفك وأحبّاؤك ؛ بعد كل ما وصفوك به من عبارات الحب والصدق والتفاني في خدمة الغير وبشاشة الوجه والمحترم وصاحب الابتسامة العريضة التي لا تغادر وجهه والخلوق وصاحب المبدأ والعادل في المعاملة بين الأصدقاء .. جميع من تعاملت معهم في النقابة وخارجها .. في الحياة العامة والخاصة .. قلبك الأبيض تسامحك محبتك للجميع .. لم تكن فضا ولا شامتا ولا حقودا ولا نكدا مكدّرا على الغير طيلة حياتك .. كريما مؤمنا صادقا صدوقا مفعما بالمحبة والحيوية .. 
نعم اخي لقد أوجعت قلبي وطحنته طحنا بفراقك السريع دون موعد .. كما أوجعت قلوب جميع محبيك على مستوى الوطن وفساحة الكون .. فجاءت صيحات الأحبة من قطر ومن كل زاوية بما أحدثته من صدمة للجميع برحيلك دونما موعد ولم نفق منها للآن .. 
لولا أنه القدر والإيمان بالقدر لقالوا : لم نصدق أنك رحلت ولن نراك ثانية .. والبعض قالها واستغفر ربه .. 
كنت أخي وانت الوحيد من بين إخوتي الذي كنت تنام في حجري وانت طفلا .. وكنت صديقي ورفيقي في كل حركاتي وسكناتي وتواصلي مع المجتمع والمهنة والزملاء من العقبة إلى سحم .. ولم تقل لي يوما لا عندما كنت أطلب منك مشاركتي في أي طريق أو موضوع دون تردد أو سؤال أو استفسار .. كنت تذكرني بالعديد من الواجبات التي علينا القيام بها .. هناك كمّ كبير من المعلومات بيننا ولم يطّلع عليها أحد غيرنا .. كنت صندوق أماناتي كما كنت أنا لك .. سأفتقدك في كل يوم وفي كل لحظة وفي كل عمل أقوم به لأنك كنت الشريك والرفيق في كل ذلك .. اذكرك في كل مكان ونراه معا وأبلغه سلامك .. وفي كل وقت التقينا فيه معا وكل موضوع تناقشنا به معا .. سأفتقدك وأنا متوجها البلدة مسقط رأسك والأرض التي أحببتها وتربة مثواك الأخير .. سأذكرك صبيحة أيام الأعياد ونحن ذاهبون لصلاة العيد في البلد .. وزيارة الأهل والأحبة .. أيام العطل التواصل والتراحم مع الأخوة والأخوات ولزيارة الأقارب والمرضى .. لتقديم العزاء لأهل من إفتقدهم الرحمن برحمته .. و .. و .. و .. .. 
فارقتني وأنت تشكو ألمك ومعاناتك الشديدة لي عن بعد .. ولم تسمح لي الظروف لأن أمسح ولو لمرة واحدة علي جبينك الضحوك دائما لأخفف بها من ألمك .. هذا الوباء اللعين الذي فرّق بين الأحبة والأخوة والزوج وزوجه والأبناء والأمهات .. لم يترك رابط محبة إلّا وقطعه .. 
ورغم انتباهك وحذرك من هذا القاتل الغادر إلّا أنه تمكن منك .. فكانت وصيّتك للجميع عدم الوقوع بنفس المحنة والمصيبة وأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن المخالطة وعدم الاستهتار بوجود هذا المرض والتعاطف والتراحم .. حمانا الله وإياكم من هذا الوباء .. 
لو كتبت عنك كتبا لما أوفيتك حقك .. ولما وصلت لمدح وإطراء محبيك بك .. وتزكينهم لك .. فتبقى شهادتي مجروحة بك يا حبيبي .. 
اللهم ارحم أخي ناصر برحمتك الواسعة وتقبله مع الأنبياء والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا .. وأدخله الفردوس الأعلى .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ووسع مدخله واكرم نزله وثبيته عند السؤال واجعل قبره روضة من رياض الجنة وارزق أهله وذويه وأحبته الصبر والسلوان .. وإنا لله وإنا إليه راجعون

Join