الأسئلة المُتقنة: القلب النابض للتجربة التعليمية

يعتبر طرح الأسئلة من الأمور الأساسية والضرورية داخل تجربة التعلم لمتابعة المتدرب وتقييمه والتأكد من استيعابه للمحتوى المعرفي في كل مرحلة من مراحل التجربة التعليمية، والوقوف على الأجزاء التي قد يواجه بها صعوبات أو تحديات دون غيرها، وهذا فضلًا عن إثارة وتحفيز الانتباه والتفكير لدى المتدربين واستحضارهم ذهنيًا بصورة أكبر داخل البرنامج التدريبي وخلق بيئة تعلم بها الكثير من التفكير النقدي والتساؤلات والنقاشات الإيجابية؛ ولكن.. للحصول على ذلك التأثير المتوقع والمأمول، يجب أن تتسم تلك الأسئلة بمجموعة من السمات ويتحقق بها بعض المتطلبات، حتى نضمن بذلك أن تلك الأسئلة فعالة ومؤثرة تأثيرًا إيجابيًا داخل تجربة التعلم.. وهذا ما نسعى لاستكشافه سويًا في مقالتنا اليوم.


أولاً: ما هي الأسئلة الفعالة ولماذا تعتبر هامة داخل تجربة التعلم؟

الأسئلة الفعالة هي الأسئلة التي يتم تضمينها داخل التجربة التعليمية والتي تساعد المتدرب على فتح آفاق جديدة أمامه ومساعدته في التفكير النقدي ومراجعة ما قد سبق تناوله بشكلٍ فعال من خلال استحضار المعلومات عبر طرق استفهامية وتساؤلية غير مباشرة لمساعدته في تأصيل المعلومة وفهمها بشكلٍ عميق..

والآن.. ما هي فوائد وأهمية الأسئلة الفعالة؟


  • تشجيع المتدرب على التواصل مع الآخرين للتساؤل والمناقشة حول المواضيع والنقاط التي وجد بها هامش ومساحة من التفكير.

  • تعزيز مهارات التفكير النقدي لدى المتدرب.

  • تنمية الشعور بالثقة لدى المتدرب خلال التجربة التعليمية وبعدها.

  • تمكين مسؤولي التدريب من معرفة مستوى فهم واستيعاب المستفيدين للنقاط المعرفية المتناولة في البرنامج التدريبي


ما هي السمات التي يتصف بها السؤال الجيد؟

  • مرتبط وذو صلة وثيقة بسياق التجربة التعليمية:
    يجب أن يكون السؤال المطروح له ارتباط وثيق مع سياق التجربة التعليمية ومحتواها، وهنا لا نقصد فقط أن يكون تابع لنفس العنوان العام للبرنامج التدريبي، بل يكون مرتبط بنفس النطاق داخل الرحلة التعليمية، لنأخذ مثالًا:
    إذا فرضنا أننا نصمم برنامج تدريبي لتعزيز القبول الوظيفي واقتناص أول فرصة توظيف للخريج الجديد، في رحلة إعداد السيرة الذاتية يجب أن تكون كل الأسئلة المطروحة لها علاقة فقط وحصرًا بالسيرة الذاتية، ولا يمتد نطاق الأسئلة إلى المقابلة الشخصية أو أي شيء آخر.. فبالرغم من اشتراك المقابلة الشخصية مع السيرة الذاتية في نطاق التجربة التعليمية العامة، إلا أن لكل منهما خصوصية معرفية محددة يجب أن يتم وضعها بالاعتبار.

  • واضح ومُصاغ لغويًا بشكل منضبط:
    يجب أن يتسم السؤال داخل تجربة التعلم بالوضوح وسهولة الفهم، فلا يجب أن يكون السؤال مُركب لغويًا بشكلٍ معقد يعيق الفهم ويجعل المتلقي بحاجة إلى إعادة قراءته عدة مرات لكي يستطيع فهمه وحل لغزه، كما أنه لا يجب أن يكون مقتضب بشدة للدرجة التي تجعل المتدرب لا يستطيع فهم المطلوب بظبط، بل يجب أن يكون به شيء من التفصيل غير المستطرد الذي يستوفي متطلبات واحتياجات السؤال بظبط.

  • هادف؛ له مغزى ومطروح عن قصد:
    يجب أن يكون السؤال المطروح له مقصد وهدف واضح من طرحه، في توقيت وموضع مناسب داخل التجربة التعليمية، فلا يجب أن يكون السؤال اعتباطي من حيث المحتوى أو التوقيت أو الموضع.. وقد يكون لصياغة السؤال هدف ومغزى، وباختلاف أسلوب الصياغة يختلف الهدف التعليمي من وراء السؤال.

  • مُحفزًا للتفكير:

    من صفات السؤال المميز أن يكون مُحفزًا للتفكير ومستثيرًا للذهن، بحيث يُتوقع من المتدرب أن يبذل مجهودًا عقليًا أكبر للإجابة عليه، أي أن السؤال لا يكون مرتبط بتوظيف مباشر لمعلومة تم تلقيها من قبل، وإنما يمثل استخدام أو معالجة لتلك المعلومة لاستنباط نتيجة يتم استخدامها في الإجابة على هذا السؤال.


ولكن.. هل من استراتيجات لطرح الأسئلة؟

  • قم بتقديم تلميحات للإجابة الصحيحة؛ ولكن بحدود..
    تذكر دائمًا أن الأسئلة لا تهدف -تعليميًا- لإيقاع المتدرب في فخ معرفي؛ بالأخص إن كانت مطروحة في سياق غير سياق الاختبارات، فنحن نسعى من خلال الأسئلة إلى دعم ومساعدة المتدرب لفهم أفضل وأعمق للمحتوى التعليمي، لذا لا بأس من تقديم بعض التلميحات والتوجيهات للإجابة الصحيحة ولكن تجنب أن تكون تلك التلميحات مباشرة إلى درجة تجعل من السؤال سهلًا وغير مُحفزًا للتفكير، لأن بذلك ندمر سمة من سمات السؤال الفعال التي ذكرناها في الفقرة السابقة.. هل تتذكر؟ السؤال الجيد يجب أن يكون "مُحفزًا للتفكير” 

  • قم بتعزيز بنك الأسئلة لديك الذي تستقى منه الأسئلة
    لا تعتمد حصرًا على عدد قليل من الأسئلة داخل تجربتك التعليمية، فمنظومة الأسئلة الفقيرة -عددًا- تورث الفقر بالتجربة التعليمية عامةً؛ بالأخص إن كان عدد المتدربين كثير، وإن كان مسموح للمتدرب الواحد بإعادة تصفح التجربة التعليمية -المتضمنة على أسئلة- عدة مرات، سيكون من المثير والمفيد له وجود أسئلة مختلفة عند كل إعادة للتجربة التعليمية.
    هذا فضلًا عن ضرورة وجود بنك الأسئلة (مع بعض الخصائص) التي تعزز من شفافية البرنامج التدريبي وتمثل مقاومة لمنع الغش في حال وجود اختبارات.

  • قم بتنويع أنماط الأسئلة وأساليبها
    تجربة تعليمية بالكامل تعتمد فقط على “خيار من متعدد” لطرح الأسئلة؟ لا تقتصر المشكلة هنا على أن هذا الأمر سيكون مُزعجًا ومملًا بدرجة كبيرة بالنسبة إلى المتدرب؛ بل سيقيد كذلك المصمم التعليمي أو صانع التجربة التعليمية وسيقلص من منافع وجود الأسئلة، وسيتسبب ذلك في إحداث فجوات كبيرة جدًا بالتجربة المعرفية المُستهدف منحها للمتدرب.

  • اجعل تسلسل الأسئلة مقصودًا ومُخطط له بشكلٍ جيد

    يعتبر تسلسل الأسئلة أمرًا محوريًا وعاملًا رئيسيًا في نجاح منظومة الأسئلة داخل تجربة التعلم، فن التدرج! التدرج له مفعولًا سحريًا في كل شيء تقريبًا؛ والأسئلة ليست استثناءً؛ التسلسل والتدرج في إلقاء الأسئلة على صعيد صعوبتها ومن ناحية عمقها وتخصصها سيشكل دورًا هامًا في تحفيز المتدرب وزيادة ثقته بنفسه، فالإنسان لا يحب الصدمات المفاجئة والمباشرة، لا نفسيًا ولا ذهنيًا ولا حتى جسديًا.. ولذلك يُوصى بتمارين الإحماء قبل المباراة أو التمارين المكثفة؛ صحيح؟ 


والآن.. كيف تساعدك إلهام في تعزيز منظومة الأسئلة داخل التجربة التعليمية؟

تمتلك إلهام تصنيفًا خاصًا بالأسئلة داخل المكونات التفاعلية بمغارة المصمم؛ كل سؤال له أسلوبه المميز في طرح التساؤل داخل سياق التجربة التعليمية؛ ويتطلب إجابة على نحوٍ تفاعلي محدد مختلف عن البقية ليخدم طيف واسع من الاحتياجات التعليمية؛ وهذا فضلًا عن وحدة تعليمية مخصصة لتقديم الاختبارات ومستقلة عن وحدة الرحلة التعليمية؛ ألا وهي “الرحلة الاختبارية”.. دعونا نستعرض سويًا المكونات التفاعلية المختلفة أولًا الموجهة لطرح الأسئلة داخل الرحلة التعليمية ثم نتناول “الرحلة الاختبارية” وخصائصها..

  • السؤال التفاعلي (الأسئلة ذات النهايات المفتوحة): يقوم السؤال التفاعلي بتمكينك من طرح سؤال مفتوح الطرف (Open-ended question) ليساعد المتدرب في طرح أفكاره وإجاباته دون قيود محددة أو دون خيارات مقولبة سلفًا؛ وبذلك تمكنه من إطلاق العنان لخياله والقدرة على التعبير والصياغة بشكلٍ حر.


  • التمرين/التقييم القبلي والبعدي: يمكنك من خلال التقييم القبلي (pre assessment) في بداية كل رحلة تعليمية أن تحصل على معدل دقيق يعبر عن الحصيلة المعرفية لدى المتدربين اتجاه هذا الموضوع، ومن ثم وضع تقييم بعدي (post assessment) في نهاية الرحلة التعليمية لتقف على معدل الاستفادة الحادث عند المتدربين نتيجة خوضهم لتلك الرحلة التعليمية؛ وبناءً عليه تستطيع بشكلٍ واضح تقييم جودة الرحلة التعليمية والمحتوى المعرفي المصاحب لها ومدى جدواه.

Join