التعليم الصغير والتعليم المصغر..
ما هما؟ وهل هناك فرق؟
كيف تساعدك إلهام في تطبيق كليهما؟

تسارع العالم من حولنا أصبح أمرًا لا يمكن مقاومته على كافة الأصعدة، ونطاق التعليم ليس نطاقًا استثنائيًا ولم يسلم من أيادي العالم المتسارع التي طالت كل شيء تقريبًا، وفقًا للدراسات فإن مدى الانتباه - وهو المدى الزمني التي يستطيع فيها الشخص التركيز على نشاط واحد - أصبح ثمانية ثوان فقط؛ كاسرًا بذلك الرقم القياسي للسمكة الذهبية ذات التسع ثوان؛ يبدو بذلك أن عبارة “ذاكرة سمكة” عفى عليها الزمن وأصبحت من الماضي، إنها “ذاكرة الإنسان الحديث” ربما هي العبارة الأدق لوصف الذاكرة القصيرة ذات المعلومات المتطايرة وسريعة النسيان.
أمام هذا التحدي الكبير؛ كيف يمكننا أن نواكب هذا التطور الحادث في التشتت ومدى الانتباه القصير داخل تجربة التعلم باستخدام منهجيات وطرق مستحدثة مُوجهة ومصممة خصيصًا للتغلب على هذه الأزمات المتصاعدة على نحوٍ استثنائي؟
نتعرف في هذا المقال على منهجيتين من منهجيات وطرق التعلم التي قد تساعدنا في مواجهة التحديات والإشكاليات التي وجب علينا التصدي لها إن أردنا تعزيز تجربة التعلم وتزويدها بعناصر وسمات فعالة ومتناسبة مع مستحدثات العصر الجديد.


ما هو التعليم الصغير أو الـ Bite-Sized Learning؟

يمكن تعريف التعليم الصغير بأنه ذلك التدريب “القصير” المُركز على وحدة تعليمية بعينها، وسمة “القصر” هنا لا تعني فقط المدة الزمنية القليلة، فلا يكفي أن تقدم رحلتك التعليمية التي تتسم بسهولة إنهاؤها وسرعة إتمامها لكي تقول أنها تحقق مبدأ واستراتيجية “التعليم الصغير” لمجرد عامل المدة الزمنية، حيث يتطلب التعليم الصغير ما هو أكثر من ذلك؛ يجب أن يرتكز هذا التدريب على هدف تعليمي بعينه دون منازعة مع أهداف تعليمية أخرى، وهذا على عكس الدورات التدريبية الأخرى التي قد تشتمل على العديد من الأهداف التعليمية داخل الإطار التدريبي الواحد وفي نفس الوقت بشكل مكدس ومزدحم، وهذا يوضح ما ذكرناه سلفًا: لماذا لا يكفي قصر المدة الزمنية لتدريبك لوسمه بالتعليم الصغير؟ حيث يمكن حتى للتدريبات القصيرة أن تشتمل وتتضمن على العديد من الأهداف التعليمية وليس هدف تعليمي واحد يتم استهدافه أو توجيهه إلى المتدرب

مزايا التعليم الصغير:

  • غالبا ما يكون التعليم الصغير سهل الإتمام والانتهاء منه؛ نظرًا لقصر محتواه ومدته الزمنية، وبناءً عليه تكون نسب الإكمال به عالية.

  • طريقة تصميم المحتوى التعليمي في هذه الاستراتيجية تعتمد على استقلالية الفهم والتناول لكل وحدة تعليمية على حدى، وبناءً عليه يمكن لمستويات معرفية متفاوتة تناول الوحدات التي تنقصهم تحديدًا دون الاضطرار لتناول كل “الوجبة” التعليمية.

  • يعزز مدد بقاء وتذكر المعلومات نظرًا للمناخ التعليمي الذي تمنحه تلك الاستراتيجية وتجنب الملل وعزل الأهداف التعليمية كلاً على حدا.


ما هو التعليم المصغر؟

التعليم المصغر هو بمثابة منهجية كاملة للتدريب وطرق إلقاء المعلومة داخل وحدات تعليمية صغيرة يمكن من خلالها تفكيك وتفتيت محتويات تعليمية كبيرة إلى أجزاء أصغر وأكثر تيسيرًا لاستيعابها وتلقيها، كذلك يهتم التعليم المصغر بتقديم المحتويات التعليمية بطرق عرض مختلفة ومتفاوتة، مثل الفيديوهات والنصوص والمقاطع الصوتية والانفوجرافيك، وذلك حرصًا على إرسال ومضات معلوماتية مستقلة داخل البرنامج التدريبي.

مزايا التعليم المصغر:

  • سهولة الإنشاء والإطلاق نظرًا لتفكيك المحتوى التعليمي الكبير الذي يُراد إنشائه.

  • تقليل الحمولة المعرفية والإدراكية نتيجة إرسال ومضات تعليمية مستقلة وبطرق عرض مختلفة.

  • تعزيز حماس المتدربين للتفاعل مع الوحدات التعليمية والاستجابة لها بسهولة نظرًا لتذليل كل العقبات من خلال تلك المنهجية.


ما الفرق بينهما إذًا ؟

يعتبر التعليم الصغير مدعِمًا ومكملًا للتعليم المصغر لتقديم هذه المنهجية بشكل أكثر دقة وكفاءة، فقد تُتخذ منهجية التعليم المصغر دون الأخذ في الاعتبار الاهتمام بتطبيق مفهوم التعليم الصغير الذي يهتم بتدعيم العملية التدريبية على صعيد فصل الأهداف التعليمية بصورة مستقلة ومنجمة؛ فالتعليم المصغر في حد ذاته يهتم بطريقة عرض وتقديم التجربة التعليمية نفسها ولا يتطرق إلى فكرة فصل الأهداف التعليمية كمحتوى تعليمي في تلك التجربة، إن اقترنا سويًا فستكون التجربة التعليمية على كافة الأصعدة أكثر نضجًا ومرونةً واكتمالًا.

Join