ليس عيبًا

التربية الجنسية

…فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)

البقرة 

التربية الجنسية ليست عيب بل أن الله سبحانه يربي البالغين في بعض الآيات تربية جنسية كما يربيهم في شتى جوانب الحياة، إن الله الذي خلقنا أعلم بحاجاتنا وجوانبنا فهو يهذب فينا جانب ويوجه جانب آخر ولا يترك جانبًا بلا توجيه لأنه يتعامل مع الإنسان ككل متكامل يستند بعضه على بعض فإذا أهملنا جانبًا منه فإنما نحن جعلناه ركيكًا هشًا أو خاليًا يستقبل ما يعرض عليه من معرفة هشة في مواقع التواصل ...

إن التربية الجنسية ليست الإباحية ولا تعنى بإعداد الفرد لممارسة الجنس. بل هي كغيرها من أنواع التربية تتدرج في مراحلها بما يتناسب مع نمو الفرد والتربية الجنسية كما أحب أن أعرفها:

هي عملية تهذيب الطفل من الناحية الجنسية، وتوجيه ميوله بما يشبع حاجاته وتوفير منافذ آمنة للطفل يعبر من خلالها عن جنسه بما يتناسب مع دينه أولًا ثم مجتمعه.

إن التربية الجنسية تتداخل في نسجها مع خيوط المجتمع الذي يعيش فيه الطفل بشكل كبير إذ أن المجتمع هو الذي يحدد بالدرجة الأولى الأدوار الخاصة لكل جنس وتقوم الأسرة المكونة من أب وأم بتمثيل هذا الدور في المنزل ويقضي الطفل السنوات الأولى من حياته مقتصرًا على هذين الدورين لتمثيل أدوار الجنسين لذا أشعر بضرورة ذكر نقطة مهمة في هذا السياق وهي كن أنت ما تريد أن تراه في طفلك، فإذا أردته الرجل الكريم كنت كذلك وإن أردتها المرأة الكريمة كوني أنتِ كذلك..

كيف أعلم طفلي الأدوار الخاصة بكل جنس؟

إن تعلم الأدوار أمر فطري لا يحتاج للمباشرة في التوجيه غالبًا لذا أعتقد بأن القصص هي أفضل وسيلة لذلك، بعد رؤية الوالدين بشكل مباشر أمامه يتعلم الطفل بعض الأمور من ممارسات الحياة اليومية مثلًا:

  • من خلال طلبه المال من هو المسؤول عن النفقة.

  • من خلال ملاحظته يتعلم كيف يلبس كلًا من الأب والأم مثل لبس العباءة أو الشماغ وغير ذلك من الأمور.

والجدير بالذكر هنا أنه يجب مراقبة المحتوى المعروض على الأطفال في ظل أن بعض الدول التي تصدر لنا الكثير من الأفلام الكرتونية الممتعة أصبحت الأدوار لديهم هلامية لا تثبت على شيء ولا تستند لغير الهوى.

تنبيه:


يتعلم الأطفال الكثير من خلال اللعب والمرح فلعبة بيت بيوت قديمًا كانت عبارة عن تعلم لدور النساء سابقًا ولعبة عروس وعريس عبارة عن إعادة تمثيل للتعلم من خلال الملاحظة.

لذلك يجب عدم السماح للأطفال الذكور بلبس ملابس النساء حتى وإن كان الأمر مجرد مزحة فإن ردة الفعل من ضحك و “استملاح” الطفل وهو بتلك الحالة ستجعله يميل لها ويرغب بتكرارها، في حال عبر الطفل عن رغبته بلبس فستان يجب أن يوجه بأن الفستان للبنات فقط مثل فلانة وماما ولكن الرجال يلبسون الثوب والدقلة والبشت والشماغ ويتم التعزيز للطفل على هذا الدور.


ليس من المروءة السماح للطفل الذكر بلعب دور الإناث والعكس كذلك للإناث، فإن لهذه المواقف التي -قد تبدو بسيطة- أثر على تكوين هوية الطفل الجنسية.

متى تبدأ التربية الجنسية؟

تبدأ من لحظة اختيار الاسم المناسب لجنس الطفل.

لأنه يشكل جزء كبير من هوية الفرد فهو يعرف عن نفسه بكونه "فلان/ة" وكما ورد النبي صلى الله عليه وسلم تغيير أسماء بعض الصحابة.

ماهي أهداف التربية الجنسية؟

- تكوين وبناء هوية جنسية سليمة.

- بناء اتجاه ايجابي نحو الذات.

- تكوين اتجاه ايجابي نحو الزواج والجنس.

- حماية الطفل من الانحرافات.

- حماية الطفل من التحرش والاستغلال الجنسي.

البيضة أولًا أم الدجاجة؟



 

التوعية ضد التحرش أم التربية الجنسية؟

خلال بحثي في الأربع سنوات الماضية بدأت بالحماية من التحرش حتى وصلت للاستنتاج الأهم خلال بحثي: أن التربية الجنسية هي جدار الحماية الأول للطفل وما التوعية ضد التحرش إلا لبنة من لبنات هذا الجدار.

ماذا أعمل؟

  • الحفاظ على خصوصية جسد طفلك من الميلاد بمعنى الحد من عدد الأشخاص المسموح لهم برؤيته عند تبديل ملابسه، والحد من عدد الأشخاص المتكفلين بهذه المهمة، إذ يفضل أن تقتصر على الأم والأب فقط.

  • عدم ربط أي عضو من أعضاء الطفل الخاصة بأي نوع من المزح مثل "ضرب الطفل على المؤخرة".

  • عدم ربط عملية الإخراج بأي نوع من أنواع المزح أو المتعة.

  • في مراحل أكبر عدم تسمية الأعضاء الخاصة بأسماء تورث الخجل مثل: "عيبك" لأن ذلك يؤثر على صورة الطفل عن جسده ويجعل حديثه معك عن مشاكل مرتبطة بهذا "العيب" أمرًا صعبًا.

  • تسمية الأعضاء بأسمائها الحقيقية، مثل: مؤخرة/ عضو ذكري..

  • توضيح العلاقات بين الجنسين للطفل بواقعية، مثل: نوع العلاقة بين الأم والأب زواج فهم زوج وزوجة، ليسوا أخوة وليست الأم بنت الأب.. يميل الأفراد الذين يستخدمون هذا النوع من الإجابات للاستخفاف بقدرة الطفل على الاستنتاج ويقومون بطريقة مباشرة بتشويه مفاهيم خطيرة لدى أطفالهم.

كيف أوضح لطفلي مفهوم الزواج؟

إن إجابة أي سؤال يسأله الطفل واجب تربوي على كل مربي، لأن سؤاله يعكس نمو قدراته العقلية وملاحظته، فله حق الإجابة الصحيحة السليمة..

حوار افتراضي ...

- "وش يعني زواج؟"

- "يعني رجال زي بابا يروح يخطب بنت زي ماما ويسألها إذا تقبل تعيش معه للأبد بعدين إذا وافقت يسوون حفلة وتسكن معه"

أخيرًا..

إن التربية ديناميكية حية ومتغيرة بتغير الإنسان وما وجدت إلا لتهذب الإنسان وتوجه حاجاته لمنافذها السليمة، والسؤال لا عيب فيه بل العيب في الجهل..

قد تكون أجيال سبقتنا رسمت لنا هذا الخط الأحمر في غير موقعه جهلًا منهم أو لسوء فهم وعلينا وحق لأطفالنا أن نعيد هذا الخط لموقعه الطبيعي بضع أمتار إلى الخلف..

Join