بعد غِياب

أنماطـ غير مترابطة 



 

غياب، مبررات للمزاج والغضب

 

مرحبًا كما العادة ..

أهلا كما كل مرة.. سعيدة لكل من يقرأ لي كل مرة ويجعلني أشعر وكأنهم يشاركونني كوب قهوة في زاوية صامتة حولها الكثير من الصخب..

لم أكتب منذ مُدة سوى ما أكتبه لعملي ولحسابات العملاء، أكتب العديد من الأشياء التي ربما في عمقي لا أصدق نفسي أقرأ لها وأكتب لها، لا يمر يوم لا أقرأ فيه صفحات من كتاب أو مقالات حتى وإن كانت أجنبية لأجد طريقة أترجم بها فكرة ما تأبى الخروج من داخل غرف عقلي. تأبى يدي مساعدتي على الكتابة دومًا، بل ترفض حتى أن تكتب ما أريد، أشعر وكأني آلة تقوم بروتيني محدد حتى في نمط مزاجي السيء جدًأ، مؤخرًا لا أشعر بشيء سوى بالغضب.. وحقيقة أني أعرف أني غاضبة ترعبني لأني لا أجد تفنيدًا واضحًا لكل هذا الغضب. وفي محاولات مُكررة للتبرير لهذا الغضب أجد أسباب لا أصنفها سوى بالتافهة، ولا أستطيع تفنيدها بأكثر من ذلك ..

(يتم إكمال التدوينة الآن في الحديقة) ..


أستطيع أن أعلل مزاجي بجو الرياض الحار، وأنه السبب الأساسي في إعتلالي المزاجي وعطبه، إلا أنه لا يمكن جعله سببًا لكل شيء حين تجلس في نهاية اليوم في حديقة الحي بينما هناك نسيم هواء لطيف حولك، هادئ وخجول كابتسامات العروس في حفلة صيفية، وهو ما يُجبرك على كره نفسك حين تكتشف أن جو الرياض لم يكن سببًا أبدًا لما يحدث لك أو حتى تعليلاً دائمًا لما يجعلك معطوبًا وغاضبًا. تستمر عملية البحث عن أسباب هذه المشاعر الغاضبة والحانقة والمحتدمة فيما بينها، حيث تتصارع في حلبة عقلك وروحك، شعور ينطح الآخر وآخر يتصارع ليلكُم شعورًا آخر يصارعه.

يستمر التعلُل بكل ما يحيطني في محاولة لإستجداء الأسباب وترتيبها لجعل كل ما حولي منطقيًا ومهيئًا في صورة تجعلني أتقبل فيها نفسي وطريقة شعوري إتجاه كل شيء.إلا أني أشعر أني مللت من البحث فجأة، أريد التوقف عن البحث فقط لأني لم أعد أرغب في إكتشاف المزيد من الأسباب التي تصل بي إلى اللاشيء.

لا جدوى إلا من الثبات في صورة تمثال شمعي يذوب ويذوي مع هذه الحرارة، الأمر الوحيد ذو فائدة ترجى الآن مع كل هذه الأجواء القاتلة والأمزجة الممتزجة بشيء فاسد.

بايعت أحزاني ..
و صافحت التشرد و السغب
غضب يدي ..
غضب فمي
ودماء أوردتي عصير من غضب !
يا قارئي
لا ترج مني الهمس
لا ترج الطرب
هذا عذابي ..
ضربة في الرمل طائشة
وأخرى في السحب
حسبي بأني غاضب
والنار أولها غضب”


محمود درويش 

 ضياعُ رغبة، أم مُجرد تعب؟ 


يصاحب كل شيء رغبة معدومة في دخول المطبخ، عادة ما أبغض جو المطابخ في الصيف حيث لا أحتمل بأي شكلٍ من الأشكال الجو الحار، أبغضه ولا أحب من الصيف إلا بداياته الرقيقة في الرياض الأوقات التي يفترض بها أن تكون "ربيعية" ولكن منذ أن مدينة الرياض تفتقر لأي من أشكال كياسة الجو فإن بداية الصيف حيث يرتفع الدفء ويمتاز الليل بالرقة هو وقتي الصيفي الوحيد المفضل، لا أحبذ مثلًا الخروج كل يوم إلا أني أحب أن أعلم أن الجو لطيف بطريقة ما، حيث أفتح الشباك وأشعر برائحة الدفء التي تشبه رائحة غسيل منشور. لا أبدي أي رغبة بتفضيل أجواء إلا أني ابنة الشتاء، أحب جوارب الشتاء وملابس الشتاء ومشروبات الشتاء وكل ما يرنبط به، حتى خمول الشتاء ومقاهي الشتاء فإني أحبها، بل لا أبغض مرض الشتاء كما أبغض مرض الصيف، أكره الزكام الصيفي .. بل إن هذا الموسم من الأمور التي تثير حنقي للغاية، والحرارى بشكلها الكامل تغضبني وتنفرني. كما أنها تتسبب لي بإنهايارات عصبية مستمرة ومتكررة. في كثير من المرات أتمنى أن أعيش في مكان بارد، حيث أستجلب الدفء مما أصنعه، إلا أن أمرًأ ما يربطني بالصيف وبشمس الصيف، ولا أزال أجهل السبب الحقيقي لذلك.

-----------------------------------------

أشتاق لأن أكتب، تصدفني الموضوعات للكتابة لكني لم أعد أكتب، أنشغل في معظم الوقت في الكتابة للعملاء، للتنقل من هنا وهناك، للبحث عن الإستقرار المادي نسبيًا بين الكتابة لكل عميل على حدة، إلا أن هذا يخلق لي اللااستقرار في كتابتي، بالكاد أجد الوقت للتفكير لأكتب، أمتلك الأفكار وأشعر بها تتدفق، لكن الإرهاق يقتلني معظم الوقت، ولا يكاد ينفك الصداع من عقلي، وتتكرر نوبات الهلع حين أتأخر بعض الشيء، تستنزف الكتابة صاحبها، بل تقتله، ففي كل حالاتها هي نوع من السحب والأخذ، في الحقيقة هي لا تعطينا كما تكسب منا، بل من النادر أن أكتسب شيئًا من الكتابة سوى عملية تنفس طويلة الأجل لكل تلك المشاعر التي بقيت لمدة طويلة في الداخل، وهذا فقط في حال لم أراجع ما كتبته، لذا حين لا أنقح فهو لأن قدرتي على قراءة نفسي تستنزفني بل وتسحب مني بهدوء كل مقدار متبقي من ذاتي الهادئة، قد تقدم كتابتي على لخبطتي ووضع الفوضى داخلي أكثر من صدمات الحياة مُجتمعة لأني أقرأني حتى بين كل تلك السطور..


 

 في هذه اللحظة أكتب من المطبخ.. تغني فرقة الأنامل السحرية بينما الخلفية برعاية صوت زيت القلي الذي يتعامل مع مكعبات البطاطس في سلسلة من سلاسلات الحب الخاصة بهم وتناغهم الدسم والمكثف الشخصي للغاية

 (ليلي عم يصير نهاري وهاد الي محيرني) (نيالو الي عايش فاضي)

سطران من الأغنية أكررهما مع المغني وأشعر بخلفية ناعمة تنساب، قبل خمس دقائق قلت لأمي إشتقت أن أكتب لنفسي، أخبرها أني أفتقد أن أمسك الكلمات من أجل ذاتي لا من أجل أحد، تكرر علي أن أخفف من زخم العمل فوق رأسي أن أتخفف من هذه الشخصية الغاضبة، لكن ما لا أستطيع حله هو كيف أجعل الفكرة ملتصقة بس، لما يبدو غراء أفكاري من النوع الرديء ورخيص النوعية، لا يكاد يتحمل شيئًا وتنفك أفكاري وتتساقط، أسفل سريري، تحت الثياب، فوق المكتب، على سطح الأغبرة العالقة، ثنايا الكُتب أو في جيوب الثياب ورُتق التنظيف في المطبخ، قد تغادر بعضها مع سيل المياه في غسيل صحن مع بقايا الأكل العالقة أو بين ضغطتي زر فوق الهاتف، تتساقط الأفكار دومًا

 (أفكاري فصل خريف دائم، عقلي شجرة مُستمرة التساقط على أرض من عدم)

لم أحاول منذ مُدة أن أفعل شيئًا سوى الصواب، ألاحق الصواب ويلحقني، أكمشه ويكمشني ويَجُرني من شعري جرًا، ألكمه بعيدًا لأني مرهقة، بل إكتشفت أن محاولات فعل الصواب أكثر صعوبة من أي محاولة مغايرة، لكني أحب الحياد عن طريق كل شيء لأبقى في حياد، إلا أن شخصًا داخلي يُبرر لي محاولات المثالية الصائبة، الصواب لدي ليس من ضمن قائمة (أخلاقي \ لاأخلاقي) بل هي قائمة (مثالي\ أقل مثالية) وفي كثير من الأحاديث مع الناس من حولي أحصل على تذكير رقيق من الجميع عن أكف عن محاولات المثالية التي تستهلك كل ذرة فيني، ينصحني الجميع بالهدوء لكن الهدوء يستجلب لي التفكير، أفكر كثيرًا، لم أعد أهدأ، أشعر بنفسي كمكينة أفكار لا تتوقف،كفيلم فانتازي غريب..

 

هل أتوقف؟ لا .. هل أريد؟ أشك في ذلك لأني لا أجيد سوى ذلك في بعض الأحيان، أفتقد لكل شيء سوى التفكير، وكأنها طريقة تقنعني بالإنجاز.


هل العطالة نافعة؟

أتساءل أنا مدمنة المحاولات والإنجاز إن كان للبقاء في عطالة أي فائدة؟

قبل مُدة عدت لكتابة المُحتوى، وفي ذلك خُضت أوقات ضغط، لم يكن يقتصر الأمر على محتوى بسيط أجدوله كالعادة، أو عدة مقالات تسويقية، أو أيًا يكن، كان ماراثون محاربة للحاق بالوقت، وبالضغط الكامن على عاتقي، بالتفكير على مدار الساعة، بالشعور بالإلهام طيلة الوقت، ولوهلة توقفت، بل أصبحت الأمور لا تطاق، أصبحت أعمل لعشرة ساعات و أربعة عشر ساعة بينما ينص الحديث بيننا على أربع ساعات، أستلم بريدًا في أوقات خارج أوقات العمل التي حددتها، وأحاول مساعدة الجميع في الوقت ذاته، في البداية تشعر نفسك كسوبر مان يحاول اللحاق، مع مرور الوقت تخمد، تنخفض طاقتك وتبدأ بمحاولة شحنها بكل ما أوتيت من قوة إلا أن كل ذلك بلا فائدة، ونتيجة لذلك فإن المُحصلة تساوي السالب، لا تقف عند الصفر كإستقرار ما، بل هي في السالب، تنخفض، وتعمي على الإلهام و "الشغف" وحتى على المهارة أو الإبداع أو القدرة، كل ذلك نتيجة لكونك قمت بدور البطل، سوبروومن العصر الحديث والمحتوى التسويقي، محاولة لإستحلاب المحتوى من جذوره وكأنها مسألة إنهيار، هناك أنت تسبب خللاً بيئيًا في بيئة خيالك وعقلك وقدرتك وحتى صحتك، لم تكن المشكلة في من أعمل معهم بشكل مباشر، بل كانت باستلامي لضغط يفوق الواقع الذي من الممكن أن يتعرض له أي كاتب، لا يجب أن يكتب أحدهم كل ذلك حتى وإن كان ذلك رزقه وسبيله للحصول على لقمة عيشه، بل يجب أن يجيد الكتابة في وقتها، إن تراصف الملفات بجانب بعضها في وقت واحد هو أمر قاتل، ومحاولة قتل لكل ذرة من المقدرة على الكتابة، أكاد أشك في كل ما أكتبه حتى هذه اللحظة، في الفترة الفائتة لم ترافقني رائحة الدقيق ولا الزبدة، بل لم أعد أج دالوقت لأخرج واستمتع بدون جهازي المحمول في يدي في كل مكان، في الحديق وفي الجمعات العائلية أو حتى في المشاوير العارضة أعمل عن طريي هاتفي، تلك لم تكن أنا الطبيعية، تلك كانت شخصية مبنية كروبوت مهزوم على إدمان العمل بطريقة كانت تستنزف كل جزء ممكن مني...

تلك كانت مخلوقة تنهار ببطء كمنزل طيني تجرفه مياه هادئة .. بدون أن يشعر ..

ذلك كان يجعلني أستحضر المثل الكردي الذي يتحدث عن قوة المياه الهادئة أو الراكدة،، لا أستطيع كتابته لعدم إجادتي الكتابة الكردية بعد، لكن يقصد المثل أن المياه الهادئة تجرف ما معها بشكل غرائبي أو عجيب، بل وقد تنجرف معه المنازل، كل تلك الضغوطات لم تكن هادئة بالمعنى الحرفي فقد كانت تصل على شكل إشعارات في البريد الإلكتروني، ورسائل تذكير وتعقيبات من كل جهة، كان كل مشروع مسألة شخصية، رابط ما، محاولة للموازنة بين اللهجة الرسمية والبيضاء وبين المحتوى والأفكار والإستراتيجيات، لم يكن يقف الأمر. كنت أصل لتلك المرحلة حيث أتساءل في منتصف كل يوم متى يأتي ميعاد النوم لأختفي لبعض الوقت عن الحياة، عن الطفو فوق سطح الحياة، لحظة واحد أنتظرها، كل يوم بشوق أترقب ساعة النوم، الوقت الذي سأحتضن فيه فراشي، لم أكن أريد شيئًا، بل أريد الراحة. حاولت كتابة ملحوظة فوق قطعة من الورق :

DO NOT PANIC ATTACK! DRINK TEA

كانت محاولة تذكير، لأني في اليوم الأول شربت ثلاث أكواب من الشاي، لكن لم تزدني سوى عطشًا وتوترًا..

لم تفد الطرائق القديمة في معالجة الضغط لم يكن هذا إمتحانًا جامعيًا أتوتر قبله، بل كانت عروض فنية أحمل على عاتقي إخراجها، ومحتوى مجدولًا كل شهر، كان هذا عملًا وأشخاصًا يعتمدون على آخرين لإنجاز مختلف الأعمال، لكن في النهاية فإن المخرج المكتوب أو المعروض المرئي تخرج فكرته من عندي، أي علي أن أكون أقرب للمثالية المطلقة التي أستطيع الوصول إليها.. لقد تم إستنفاذ طاقتي بطريقة لم أستطع أن أتحكم بها، بل لم أستطع أن ألوم شيئًا أو أحدًا أو حتى نفسي، لأني كنت خارج نطاق حيز التفكير باللوم وطريقته، كنت أصل للمرحلة التي أنتظر فيها الهدوء الذي لا يأتي، حتى عطلة نهاية الأسبوع لم تكن تفي بالغرض، فمثلًا كان يوم الجمعة يومًا مثاليًا للإنتهاء من أعمالي الشخصية العالقة أو لأكل وجبة بدون التفكير بالعمل، كأن أمضغ الطعام فقط بدون إستشعار مضغ الحروف وتكسر علامات الترقيم وأسس التسويق بين أسناني..

ويوم السبت مخصصٌ بشكل مثالي للتفكير المُفرط للغاية ببداية الأسبوع، لا أحب يوم الأحد، لا أستطيع أن أحب بداية الأسبوع، وحين أحبه أسجل تلك الآحاد في عقلي أو في أي مكان لأتذكر أنه أحد لطيف على غير العادة، أكرر دومًا:

"صُحُفٌ مُبَعْثَرَةٌ. ووردُ المزهريَّةِ لا يذكِّرني
بمن قطفته لي. فاليوم عطلتنا عن الذكرى،
وعُطْلَةُ كُلِّ شيء... إنه يوم الأحدْ "
 

أكرر أبيات درويش حين أتذكرها كل أحد.. إنه يوم أحد.. وأود لو آخذه عطلة من التفكير المُحدد للتفكير المُفرط في أطراف كوب الشاب أو تحديد عيني بكحل قديم أو لأي أمر مثل أكل الزبدة والمُربى. طول مسيرتي الدراسية التي إستطعت اختيارها بكامل قواي وقدرتي واستطاعتي (في الجامعة) حرصت تمام الحرص على عدم أخذ أي محاضرة تقع في يوم الأحد، وعدم دخول المبنى يوم الأحد، يبدأ جدولي دومًا يوم الإثنين ويجب عليه أن ينتهي بحلول يوم الأربعاء بل أفضل جمع كل محاضراتي في يوم أو يومين وجعل كل الأنشطة تتفق مع جدولي لكي لا أعتب عتبة الجامعة في الأحد.. ولا أشوه الخميس بها أيضًا.. إلا أني في مرة وافقت على محاضرة إضافية يوم الخميس، إكتشفت أني دمرت أيام الخميس لعدة أسابيع متتالية بشكل لا أتصوره لأن عقلي تدبلج على أنه لا بأس أن تدرسي طوال يوم الخميس وتحبسي نفسك كبقية أيام الأسبوع من أجل مواد النقد والأدب، استطعت أن أتدارك وذلك بالغيبا لأسبوع كامل عن جميع المحاضرات لأن المرض تسلل إلي، وبل أحب أن أظن أن مرضت خشية أن تُسرق مني وصمة يوم الخميس، تغيرت المقادير ورجعت لهدوء يوم الخميس وصباحه الهادئ الوحيد الوديع.. إلى أن صُعقت بواقع أن آخر امتحانين في حياتي الجامعية صادف تاريخ أحدهما يوم الأحد والآخر يوم الخميس، كانت لحظة مثيرة للسُخرية القدرية لي، لم أستوعب ولم أُحبذ خوض آخر امتحانين للتخرج في تلك الأيام إلا أني مضيت أتجرع ثُقل مادة اللغويات والنحو مع حقيقة أن المادة الأخرى التي أحبها سأختبرها يوم الاحد، كان شعورًا أشبه بتلوين فصل للأطفال بلون أخضر قبيح وجعلهم يصابون بالكآبة، أنا لا أتطير ولا أجبر أحدًا على كره هذا اليوم، بل أبتسم حين اتصادف بشكل عابر مع أولئك الذين يتحمسون لبدايات الأسبوع الجديدة، ربما سبب ما لم أسمح لنفسي باكتشافه قد يغيرني.. لكني أفضل قضاء الأحد في المنزل، وأعنيها بشكل تام، أن أقضي كل الاحد في المنزل كما في الأغنيات، وأتمنى أن يكتب أحدهم أغنية عربية مثلًا في يوم الأحد وهيئته الغريبة التي تجبرك على البقاء في المنزل وحب السرير والتفكير خمس ساعات قبل القيام بأي عمل او حتى ترتيب الشرشف، أشعر أن ليوم الاحد مفعول حبوب الزكام ورائحة عصير البرتقال وشوربة ماجي في ظرف أخضر وقطعة خبز محمص، ورائحة مشط رطب من شعر صاحبه. يوم يتسم بالبقاء بسكون مَرضيٍ إلا أنه مُرضي للغاية.

(أحب حقًا أن تخبروني عن أيامكم المفضلة والغير مفضلة حتى لو كان لها تاريخ مُحدد إن وصلتم لقراءة  هذا الجزء )


بعد مُدة وصلني بريد مُجحف لا أريد خوض تفاصيله عن (إشعار بإيقاف العمل) لم أكن سأعترض لو علمت أني أقوم بأي أمرٍ خاطىء أو أني أتأخر، أو أرفض أو لا أقوم بكل شيء،ـ لم تكن تلك محاولة عدم دفاع عن النفس، بل محاولة للحصول لاحقًا على مكانة، من هذا المنبر أعلن لكم وأخبركم أن تتغاضو عن الكاذبين أصحاب ( إرضوا بأي فرصة عشان يصير عندكم خبرة) هؤلاء مجموعة برجوازية من عِدة منظرين لديهم إستعداد تام على إستغلال كل أحد بطريقة مجحفة بحق، في لحظة .. غضبت .. بل شعرت برغبة بصنع مُشكلة لأني لم أخلي بأي شرط على عكسهم أردت أن أقلب أرض الشركة رأسًا على عقب وتخيلت كيف ستبدوا ردود الفعل عنيفة وحفلة الغضب قائمة، إلا أني وبعد عدة مناوشات مع جميع أفراد العائلة هدأت وبدأت أجري محادثات إنهاء كل الأعمال مع إجراء كامل الخطط التي شعرت أن أحدًا ما سيحتاجها. كان هناك خمسة شياطين حقًا يجرون محادثة داخل عقلي عن كيف أرد بوقاحة؟ أو كيف يجب أن أتصرف؟ أو هل الشكوى فكرة سديدة.. لكن بعد يومين .. بدأت أضحك.. في الحقيقة لولا زَحمة التسليمات التي تقلصت من شهر وعشرة أيام إلى عشرة أيام لكنت على ما يرام، ولم أكن لأشعر بأي ضغط.. لوهلة بدأت أشعر أني أنسل من تحت أظافري.. بل الغريب جدًا أني بدأت أرسم على لوحة يصل طولها للمتر في منتصف كل ذلك الضغط القابع على رأسي والذي يطحنني، كنت أتعرض للطحن بين رغبتي في التخفف من الضغط وبين الضغط لما علي أن أنجزه، كل ذلك ببساطة لأن رغبتي الإنسانية بالراحة بدأت تطالبني بالهدوء غتجاه الموقف رغم غضبي الدائم مع كل شيء.. إلا أني توقفت لوهلة عن القلق إزاء العمل، رغم معرفتي التامة أن وجود عمل يعني إستقرارًا روتينيًا وعمليًا وماديًا ونفسانيًا في بعض النواحي، لكن هدوء ما مع تكرار كل الأدعية التي تذكرني بها والدتي كانت تجعلني سعيدة بعض الشيء رغم معرفتي بإدماني على فكرة الإنجاز الغريبة تلك .. إلا أني أشعر أن للعطالة المؤقتة هذه كل فوائد الدنيا، انا حقًا لست مُستعدة لأن أعيش عيدًا مضغوطًا، بل في بعض المرات أفكر أني ربما علي أن أعمل بيدي، ربما رزقي الحقيقي في يدي .. ربما يجب أن أكتب لكن ليس هكذا.. بل ربما يجب أن أكتب مع أُناس يستطيعون أخذ كتابتي بالطريقة التي ستجعل منها أيقونة مثالية في العالم الحالي.. وبالرغم من أن عقلي يعمل بطريقة آلية حين أرى حسابًا على مواقع التواصل،أجد نفسي كتبت المُحتوى ورتبت الجدول وفكرت باستراتيجية تسويقية الكترونية وعدة على أرض الواقع وأجدني أركض لأماني لأخبرها ونتناقش وتبدأ بالعصف معي وكان محادثاتنا عبارة عن شركة استراتيجيات مُصغرة تنفجر كفقاعات في يد طفل مُبتهج .. لا أتوقف عن حبي لكل ما يجب أن أفعله حتى مع كل الغضب والنقم، وبالرغم من كل الضغط الذي طحنني نفسيًا وجسديًا وعقليًا .. أمتن كل الإمتنان لتلك الفترة.. بل أعلم أني تعلمت بالعمل عن بُعد بطريقة ذاتية أكثر مما كنت سأتعلمه من أحد الدورات التي سأسجل فيها من دون أن أدرس سوى أول جزء منها .. أحب أن تعلمني الحياة رغم أنها (تمرمطني يمين وشمال) وتذكرني بالتسويف والمماطلة التي أحصل على علامة مميز فيهما … 


 

ما قبل النهاية .. خِتام ناقص..

لن أكمل تدوينتي الآن لقد كتبت خمسة صفحات لا تمت لبعضها البعض بصلة واضحة سوى أن صلة القرابة بينها هو أنها أفكاري وبناتها ومحاولة مشتركة بين أصابعي وعقلي وبقية حواسي على الترتيب قدر الإمكان ..

للتدوينة أجزاء لا بُد من مشاركتها .. لأن مشاركة الآخررين قد تكون علاجًا جيدًا من التفكيرأنك وحيد حين يشاركونك أنهم يشعرون تمامًا كما تشعر


أكتبوا لي عن أيامكم، عن معاملتكم لموجات الغضب والضغط والقلق، عن الأفكار التي تراودكم، عن المواقف العالقة تحت أرجل أسرتكم وعنكم.. 


اكتبوا لي عن أيامكم 

Join