Let's be honest
هل أصبحتِ وحيدة بعد طفلك الأول؟
بعد طفلي الأول الحياة تغيرت بالنسبة لي في جوانب كثيرة ومختلفة، مررت بالكثير من المشاعر والتحديات وفي أغلب الأوقات لم أكن أعبر عن هذه المشاعر أو أتكلم بشكل صريح عن ما أمر به وغالبا هذا مرتبط بالجانب السلبي من التجربة لأن الجانب الجميل من كونك أم يظهر بشكل أوضح وأسهل لأنه بالحقيقة لا توجد معاناة في أن تعيش المتعة والسعادة.
في الجانب الآخر وهو الألم أو المشاعر السلبية يكون الحديث عنها صعب لأنه غالبا نحن لا نتحدث عن حقيقة مشاعرنا لأسباب عدّة منها أننا نخاف من الحكم علينا أو حتى نخاف من أن نكون أمهات سيئات بنظر الآخرين!
كم مرة منذ أن أصبحتِ أم تكلمتي بصراحة وبشكل حقيقي عن معاناتك أو الضغوط والتغيرات التي تمرين بها!
هل أحد سألك عن حالتك؟ هل تشعرين بالاكتئاب؟ هل أنتِ سعيدة لأنك أم؟ أو هل تشعرين أنك وحيدة بعد ما أصبحتِ أم؟ هل تحتاجين للمساعدة؟
بالنسبة لي أغلب الأسئلة التي تم سؤالي عنها هي " أوووه وزنك زائد بعد الولادة متى تستعيدين وزنك السابق؟ " " لماذا طفلك نحيف بهذا الشكل ولا يبدو بعمره الطبيعي؟" " لماذا لا ترضعين طفلك حليب صناعي ليزيد من وزنه؟" " لماذا تركتِ وظيفتك هذه الفترة لهذه الدرجة الطفل غير وقتك؟"
والكثير من الأسئلة المستفزة والفضوليه والتي لا تساعدني أبدا بل كانت مزعجة!
نحتاج لأن نكون حقيقيين و واقعيين ومدركين فعلا للتغير الكبير الذي نمر به كأمهات بأن نشارك ونتكلم بصراحة عن مشاعرنا، أنا لا أحتاج إلى أن أفكر مئة مرة قبل أن أتكلم عن كيف أصبحت وحيدة بعد ما أصبحت أم!
نعم هذه حقيقة ما أشعر به الآن لذلك توجهت للكتابة في هذه المدونة للتعبير عن كوني أم حقيقية وليست آلهة أو تمثال مقدس للأمومة، احتجت أن أشارك الأمهات وحتى المجتمع بكل ما نمر به ونحتاج إليه لندعم بعضنا البعض.
أن أكتب وأتكلم بشكل مطلق وحر وأن أشارك مع الأمهات ما أحتاج إليه في هذه الرحلة هذا ما أتمناه من هذه المدونة.
التغير الذي يصاحب كونك أم وواقعية وجود طفل والإلتزام به والمسؤوليات المرتبطة به هذا الواقع الجديد بعض اصدقائنا أو عائلاتنا لا يستطيعون التعايش معه "وأنا هنا لا ألوم أحد" وفعلا مررت بهذه التجربة، قد نخسر بعض أصدقائنا، البعض يتغير علينا أو حتى يتم استبعادنا من المناسبات والاجتماعات أو نكون شخص ثقيل وحضوره مزعج!
ولا أستطيع أن أتجاوز بالطبع النظرات والتعامل الذي نتلقاه بالأماكن العامة حين نكون في مطعم أو مقهى ويبكي الطفل أو يلعب، كيف يتم النظر إلينا وكأنه من العيب أو الخطأ أن نتواجد هنا!
أنا أُم أتصرف بشكل فطري وطبيعي ومن الطبيعي أيضا أن يتواجد معي طفلي أينما كنت وبالتأكيد إذا كان المكان مناسبا لذلك، لا أشعر بالخجل ولا الخلل في كوني أم تعتني بطفلها وتخرج لمكان عام في نفس الوقت لأنه بالنهاية الأم إنسان!
أحاول هنا الحديث عن ما نتعرض له وهذا لا يعني أنني سأتراجع عن تصرفي هذا بل أردت الإشارة لما نمر فيه كأمهات ويجب أن يعي المجتمع ذلك.
حينما نكون في حالة معينة من المعاناة أو الشعور بشيء لا يتم الحديث إليه بشكل طبيعي دائما نتوجه للبحث عن حالات مشابهة لنا لنطمئن بالبداية ثم بعد ذلك نرى كيف نتصرف من خلال تجارب الآخرين، لهذا بحثت كثيرا عن شعور الوحدة الذي تشعر به الأمهات وتحديدا الأمهات الجدد لكن لم اجد بالمحتوى العربي الكثير عن هذا الموضوع وجدت الأغلبية تتحدث عن اكتئاب ما بعد الولادة ليس هذا ما أبحث عنه، أبحث عن إحساس الوحدة بعد تغير حياتك من شخص يومه مرتبط به فقط واتخاذه للقرارات أسهل وأسرع إلى كونك أم يومك ليس ملكك إطلاقا مهما وضعتِ من جداول وروتين، و وجود طفل في حياتك يتطلب منك الكثير من العمل والجهد تبعا لهذا حياتك الاجتماعية تتأثر مهما حاولتِ أن تتأقلمين مع الوضع الجديد وهذا ما كنت أعنيه فعلا في عدم فهم الناس لواقعيتك الجديدة وعدم تقبلهم لها.
لهذا أردت وبشدة أن أكتب هنا عن هذا الموضوع وكنت أفكر كيف أستطيع أن أبدأ بتكوين مجموعة دعم للأمهات نجتمع من خلالها ونتشارك هذه المشاعر وغيرها من التجارب التي تمر بنا، أفكر جديا في العمل على هذه الفكرة وأتمنى أن أستطيع أن أحققها قريبا بأذن الله.
تكلمت كثيرا عن المجتمع والعائلة والأصدقاء ولكن لم أتكلم عن دور الشريك في إحساس الأم بالوحدة، مهما كان الشريك داعما ومساعدا للأم وهذا بالطبع رائع وهو بالأصل ما تحتاجه الأم والعائلة إلا أنه لا يستطيع الشريك الإحساس بمدى صعوبة ومعاناة الأم اليومية وما عليها من مسؤوليات لذلك لا بد للشريك بأن يعي وضع الأم وأن يدعم الأم معنويا ويخلق لها مساحة آمنة للحديث والتعبير بدون حكم عليها أو إعتبار ما تمر به عدم تقدير لمساعدته لها.
لم أكن أتخيل أن أكون حساسة جدا وأنا أكتب هذا الموضوع!
أعدته مرات عديدة وعلى أيام متفرقة وفي كل مرة أبكي وأتوقف وأتذكر فيها مواقف كانت صعبة ومؤلمة و كنت فيها أتظاهر بالقوة أو أن كل شيء طبيعي!
من أكثر المواقف التي أشعر فيها بالوحدة حينما أكون في مناسبة أو في مكان عام وأحتاج أن أرضع طفلي " رضاعة طبيعية"، كم من المرات تخليت فيها عن وجبة عشاء ساخنة أو حديث ممتع أو تغيبت لفترة طويلة لأنني لم أجد مكانا مناسبا لأستطيع فيه أن أرضع طفلي بدون تعجب ونظرات الآخرين أو حتى عدم وجود مكان مناسب!
كم من المناسبات والاجتماعات التي رفضت أن أذهب إليها لأنه لا يوجد بها مكان مناسب للرضاعة، كم من المرات التي اضطررت فيها أن أجلس تحت درج أو في دورة مياه أو مواقف سيارات لأتمكن من رضاعة طفلي!
الرضاعة الطبيعية من أكثر التجارب التي تألمت فيها وعانيت الكثير جدا فيها وبأذن الله سأتكلم لاحقا عن مواضيع كثيرة تخص الرضاعة، لكن هنا تطرقت لجزئية الوحدة التي تخلقها الرضاعة وتحديدا في مجتمعنا.
لا أود الحديث فقط عن إحساس الوحدة الذي يخلقه كونك أم فقط بل أرغب بإيجاد حلول وكذلك أتمنى أن يعرف المجتمع ويفهم هذه المشاعر التي تمر بها الأم.
لذلك سأشاركم اقتراحات للتعامل أو تجاوز هذا الشعور بعضها طبقتها والبعض الآخر أذكرها كمقترح أرغب بتنفيذها بأذن الله:
قدر المستطاع حاولي الخروج لأي مكان يساعد في تحسن حالتك النفسية والجسدية حتى لو لوحدك أو مع طفلك ولا تنتظرين أحد جدوله مناسب لك لأنه كما ذكرنا سابقا أحيانا من الصعب حصول ذلك.
المشاركة بالكلام أو التجارب من خلال السوشيال ميديا وذكرت تجربتي مع المدونة وأن الكتابة فيها من أكثر الأمور التي تساعدني أن أكون أفضل.
أدخلي في محيط الأمهات اللاتي لهن نفس اهتماماتك، بالنسبة لي من السهل خلال السوشيال ميديا أن أتابع وأشارك في هذا المجتمع من الأمهات و لكن للأسف بالحياة الواقعية وخصوصا مع وضع " كورونا" الى الآن لم أجد هذا المجتمع الذي فعلا أحتاجه.
كوني أكثر مرونة في ما يخص طفلك ويومك بحيث لو طرأ اجتماع معين وأحببتِ الذهاب حاولي تجاوز نقطة عدم التنسيق المسبقة والمرتب لها خصوصا فيما يتعلق بطفلك وركزي على نقطة أنه يحق لك كسر جدولك والروتين الذي تضعينه لطفلك لأنك بالنهاية تحتاجين وقت لنفسك.
اطلبي المساعدة حين تحتاجينها، لو احتجتِ أن تخرجين لأي سبب كان لاجتماع معين أو زيارة صديقة أو غيرها وترغبين بالخروج لوحدك بدون طفلك، اطلبي من أي احد تثقين فيه العناية بالطفل.
بالنسبة لي كانت تجربة تحديد ساعتين من اي يوم أو يومين بالاسبوع يكون فيها وقت لنفسي كانت جدا مؤثرة بشكل كبير على نفسيتي ومزاجي وتعاملي حتى مع طفلي.
وبالتأكيد لكل منا طريقته الخاصة في التعامل مع المشاعر والتغيرات ولكن المشاركة أحيانا قد تساعدنا
و تلفت انتباهنا على الكثير من الأمور.
نحن كأمهات يجب أن نهتم بالجانب النفسي لدينا قبل ما نهتم به لدى أطفالنا لأنه لا يتحقق الاستقرار النفسي لدى الطفل إلا إذا كانت الأم مستقرة ومستعدة للعطاء.
في النهاية لا شيء يدوم هذه مرحلة مؤقتة قد نمر بها وخصوصا مع التغيرات الجديدة لك كأم ولكن يجب أيضا أن نتعامل مع مشاعرنا الحالية ونجد لها حلول ونتشارك تجاربنا لهذا كنت أفكر في البدء بمجموعة دعم للأمهات نتواصل فيها ونتشارك كل ما يخص الأمومة والطفل وغيرها!
فكرت كثيرا أي منصة قد تكون مناسبة! انستقرام، تلغرام، meetup،clubhouse؟
لذلك لو أحسستِ وأنتِ تقرأين هذه المدونة أنك بحاجة لمثل هذه المجموعات اقترحي علي أي من هذه المنصات أو غيرها قد تكون مناسبة لنبدأ فيها.
أتمنى دائما أن تكون جميع الأمهات بخير وعافية وسلامة دائمة، في الحقيقة مؤخرا من أكثر المهام اللتي أحس أنني ملتزمة بها أو رسالة يجب علي القيام بها في هذه الحياة هي دعم ومساعدة الأمهات بما أستطيع لذلك أسأل الله أن يختارني لهذه المهمة بإخلاص ومحبة.