لماذا اخترت أن أكون أم مرضعة؟
هذه التدوينة مختلفة لأنها ستكون بداية سلسة تدوينات عن الأمومة بمشاركة أم رائعة تعرفت عليها من خلال المدونة.
بثينة و مدونتها “ بيث جوزيف” من الأمهات اللاتي لديهن الكثير من الوعي بالأمومة لذلك سأضع لكم رابط التدوينة عن “ما لا يخبرك به الأخرون عن إنجاب طفل ثاني” .
أم جديدة؟
إذن لديك قائمة طويلة من التجهيزات والاستعدادات سواء لطفلك و لك أو حتى لقرارات تحتاجين للجزم فيها لمرحلة ما بعد الولادة مثل مكان الولادة، الطبيبة وغيرها.
"الرضاعة الطبيعية" هل كانت من ضمن القرارات التي ترددتِ فيها؟
أو هل تعتقدين أن الأمر فطري ولا يحتاج لقرار أصلا؟
بالنسبة لي كان من أهم القرارات التي أخذت مني الكثير من البحث و الاستعداد و الاستشارات هو موضوع الرضاعة الطبيعية وحتى فيما بعد أخذت مني هذه الخطوة الكثير من التحديات والصعوبات التي بإذن الله سوف أتحدث عنها لاحقا.
بكل أمانة وشفافية كنت أعتقد في بداية حملي أن موضوع الرضاعة موضوع بديهي فطري بحت وسهل يأتي هكذا بدون أي استعداد أو حتى عقبات لذلك لم أكن أعطيه تلك الأهمية في البداية لأنني كنت أعتقد في اللحظة التي سوف أضع فيها طفلي على صدري سوف يقوم بالرضاعة بسهولة!
لكن بعد الدورة التي حضرتها مع الدكتورة "حسبان خضر" وهي دورة تثقيفية عن الحمل والرضاعة والولادة تكلمت عنها سابقا في تدوينة " ٤ أشياء سأفعلها في حملي الثاني"
تغيرت نظرتي للموضوع تماما وبصراحة انصدمت من واقعية الموضوع وأهمية الاستعداد النفسي والجسدي وكذلك المادي من حيث المستلزمات الضرورية لتسهيل رحلة الرضاعة لكِ!
أتذكر جيدا حين سألتنا الدكتورة حسبان في نهاية الدورة " هل قررتِ أن تكون الرضاعة لطفلك طبيعية أم لا؟ "
لم أكن قررت بعد ولكن كانت إجابتي لا أعرف ولكن نعم أتمنى.
بعد هذه الإجابة بدأت فعلا في رحلة الرضاعة الطبيعية وكنت تقريبا في الشهر الرابع، وسأذكر هنا في هذه التدوينة تجربتي وملخص لأهم الأسباب والعوامل التي ساعدتني في الرضاعة الطبيعية للأمهات سواء الجدد أو الأم التي تريد أن تبدأ بالرضاعة الطبيعية حتى بعد الطفل الأول، طبعا لن أتطرق للفوائد العظيمة والكثيرة للأم والطفل التي الجميع قد يعرفها عن أهمية الرضاعة الطبيعية والتي ستجدها أي أم تبحث عنها لكنني هنا سأتكلم عن تجربة أم بشكل واقعي.
هدفي الوحيد من كل تدوينة أكتبها أن أساعد فيها الأمهات لأنني على يقين أن لكل تجربة نمر فيها ونتشارك فيها ستكون مؤثرة وملهمة ولو بالقليل.
أريد فقط أن أوضح نقطة مهمة جدا وهي أن كل أم أتخذت قرار بالرضاعة الطبيعية أو بالرضاعة الصناعية هي أم عظيمة ورائعة وحاولت أن تقدم لطفلها أفضل الخيارات الممكنة.
أنا هنا لا أتحيز لأي خيار لأنني في أوقات كثيرة كنت أرى أن خيار الرضاعة الصناعية قد يكون مناسب لطفلي في مرحلة ما.
٩ أسباب ساعدتني لأكون أم مرضعة:
١- الاستعداد المسبق:
تكلمت في بداية التدوينة أن أهم سبب لاتخاذ القرار في موضوع الرضاعة الطبيعية هي الدورة التثقيفية وهذه الدورة بالطبع كانت من ضمن الاستعدادات المهمة لي وكانت كذلك بداية اهتمامي وتركيزي على الرضاعة.
بعدها بدأت فعلا بالبحث عن مواضيع الرضاعة الطبيعية ومتابعة مرشدات رضاعة يقدمن الكثير من المعلومات المهمة ومن أهم ما تعلمته في تلك الفترة هو "ما هي الوضعيات المناسبة لرضاعة للطفل الجديد، طريقة حفظ الحليب وتخزينه، طريقة الإلتقام الصحيحة، اهم مستلزمات الرضاعة الطبيعية التي يجب أن تكون لدى الأم المرضعة وغيرها الكثير من المعلومات".
أستطيع أن ألخص الاستعداد المسبق (اتخاذ القرار، الاستعداد النفسي، التثقيف بأهم الأمور الأساسية للرضاعة، تجهيز المستلزمات الأساسية)
٢- التواجد في مجتمع أمهات مرضعات:
من خلال بحثي السابق عن المعلومات التي أحتاجها كأم مرضعة وكذلك متابعتي لمرشدات رضاعة ثم بعدها بدأت بمتابعة أمهات مرضعات يشاركن تجاربهن وجدت نفسي محاطة بمجتمع أمهات مرضعات.
تعلمت الكثير منهن وتشاركت معهن الكثير من المشاعر والصعوبات، كنت أتابع الأمهات الجدد ولديهن ما لدي من الأسئلة والمخاوف والتحديات ولكن بكل مرة أرى كيف يتم الإجابة عليهن من مرشدة معينة أو أم لها سابق تجربة أتحمس وأؤمن أنني لست وحدي بل هناك الكثير من الأمهات وجميعنا نحاول و نتعلم.
سوف أذكر هنا بعض حسابات انستقرام للمرشدات اللاتي تعلمت منهن الكثير:
حسبان خضر pt.hussban@
الاء ابوتاكي omymilk@
لحظات ندى nada_moments@
نور ظاظا nourzazaibclc@
روان حسنين mother_in_making@
سين بلوق seen_blog@
أود أن أضيف حساب أم رائعة وواقعية جدا وكانت مؤثرة جدا على كثير من القرارات التي احتجت فيها لرأي آخر أو تجربة أخرى حتى من قبل حملي هو حساب " أريج" على انستقرام areej.blogs@
٣- تأثير المشاهير:
قد يكون غريبا هذا السبب ولكنه حقيقي لأننا اليوم عبارة عن مجتمع من برامج التواصل الاجتماعي، ليس مجرد مشاهدتي لشخص مشهور يقوم بعمل ما سوف أقلده وحسب!
الموضوع أعمق بكثير سواء لي أو للمجتمع بشكل عام لأن تأثير المشاهير أصبح الآن عامل مؤثر ولكنه بالطبع ليس سبب مستقل ووحيد للتأثير.
كنت أشاهد مشهورات أجنبيات ولديهن الكثير من الالتزامات والعمل ورغم هذا أرى التزامها بالرضاعة الطبيعية وتوثيق تحدياتها مع العمل والرضاعة وكيف تعمل جداول شفط الحليب وتخزينه اذا كانت لديها رحلة عمل أو كانت تعمل لوقت طويل خارج المنزل، بصراحة نعم هذا مؤثر ومحفز لي كأم أن التزم أكثر بموضوع الرضاعة طبعا بما يتوافق مع وضعي ووضع طفلي.
بعد أزمة كورونا لاحظت الكثير من المؤثرات العربيات اتجهن للرضاعة الطبيعية و بدأن مشاركة تجاربهن وهذا بالطبع تغيير رائع وتأثير ايجابي نتطلع له دائما نحن كأمهات نبحث عن الواقعية في حياة التزييف اليوم.
حتى قطاعات كبيرة مثل وزارة الصحة السعودية قامت بحملة للتشجيع على أهمية الرضاعة الطبيعية بالتعاون مع جمعية رعاية الطفولة، استهدفوا فيها فئات كبيرة من خلال الرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي.
٤- الرضاعة بالقرآن:
( وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه) (القصص/٧)
في كل مرة اقرأ هذه الآية اتأثر جدا بعمق الرسالة والوصية من الله لأم موسى ولجميع الأمهات.
( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) (البقرة /٢٣٣)
وغيرها من الآيات العظيمة التي تحث على الرضاعة، كانت بعض مرشدات الرضاعة تشارك في صفحتها إعجاز القران والدلالات الربانية في آيات الرضاعة وتفسيرها وكذلك قصة السيدة " حليمة السعدية" مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ألهمتني في أن أبدأ مشروع حليمة halimma.sa@ لأنه كان من الصعب توفير مستلزمات للرضاعة الطبيعية بخيارات كبيرة ووفرة مختلفة.
"مشروع حليمة" يهتم بالأم ويقدم لها المساعدة في توفير مستلزمات الرضاعة، لتستطيع أن تكون تجربتها مع الرضاعة أكثر راحة وسهولة.
٥- حالة طفلي الصحية:
ذكرت في تدوينة سابقة عن حالة حملي وما تعرضت له بشكل مفاجئ من عدم زيادة وزن الطفل في آخر شهرين وما ترتب عليه من ولادة قيصرية ووزن قليل للطفل وتواجده بالعناية المشددة اول الأيام.
طبعا لا أريد أن أذكر هنا عدم دعم المستشفى لي في موضوع الرضاعة وكانت رضاعة طفلي في البداية رضاعة صناعية وخصوصا انني ولدت ولادة قيصرية والحليب لم يكن ادراره جيد في البداية، كانت مرحلة تخبطت فيها كثيرا وكان اسوء شيء مررت فيه أنني ولدت في أيام الحجر الكلي، كنت حرفيا أعاني لوحدي ولكن كنت مؤمنة بالله وبعظمة خلقه سبحانه أنه قد يكون رضاعتي لطفلي عامل مساعد ليتحسن، وأهم عامل قد يساعده على التحسن ليس فقط الحليب بل وضعه في وضعية skin to skin وبدأت كل يوم في معركة مع المستشفى للحصول على هذه اللحظات وعلى رضاعة طفلي لو كان شيء قليل جدا لأنني كنت خائفة أيضا من أن لا يكون فيه ادرار اذا لم احاول الرضاعة.
حالة طفلي الصحية هي اكبر عامل محفز على الرضاعة لأنه حتى فيما بعد كان لديه ارتجاع قوي جدا وجربت له الكثير من انواع الحليب الصناعي لأن وزنه كان يشكل مشكلة فعلية!
محاولاتي مع الرضاعة الصناعية كنت أتمنى منها أن تتحسن حالة الوزن والارتجاع لكن سبحان الله كانت الرضاعة هي أفضل الحلول التي خففت ولو قليلا من مشكلة الارتجاع التي في النهاية استسلمت لها على أنها موجودة وستختفي بمجرد مرور الوقت، بالنسبة للوزن لا زال فيه مشكلة ولكن ليست متعلقة بالرضاعة بل في ولادته بوزن قليل.
٦- حالتي الصحية:
قد يكون هذا الموضوع حساس بالنسبة لي خصوصا أن هذه الحالة الصحية ليست جديدة علي ولذلك اضطررت ان اتعامل معها من جديد مع الحمل والرضاعة.
لدي مشكلة صحية في الثدي لذلك خضت استشارات عديدة في الحمل وبعد الولادة، لذلك وضعي الصحي من أكثر العوامل المؤثرة والمساعد على اتخاذي لقرار الرضاعة الطبيعية هو أنه قد تكون الرضاعة مفيدة لحالتي الصحية.
في كل مرة أمر فيها بصعوبات في الرضاعة وأذهب فيها لاستشارة الطبيب و أكون جازمة على التوقف عن الرضاعة أتراجع حينما يقوم الطبيب بتشجيعي من جديد على أنه قد يكون هذا مساعدا لحالتي وأنه يجب علي التحمل قليلا.
٧- كورونا والرضاعة:
ذكرت كثيرا ان ولادتي كانت في زمن الكورونا وتحديدا وقت الحظر الكلي لذلك كان هناك الكثير من التحديات خصوصا انني ام جديدة وهذه تجربتي الاولى على كافة الاصعدة وليس فقط الرضاعة.
من أكثر العوامل التي شجعتني على اتخاذ قرار الرضاعة هو توصيات منظمة الصحة العالمية للأمهات بالرضاعة الطبيعية في وقت انتشار وباء كورونا وأنها قد تكون بعد مشيئة الله سبب في رفع مناعة الرضيع.
من أصعب المشاكل التي قد تواجه الأم المرضعة وربما تكون سبب في عدم استمرارها في الرضاعة هو التفرغ للرضاعة وخصوصا في اول الاسابيع وحتى بعد ذلك صعوبة توافر الأماكن المخصصة للرضاعة الطبيعية في الأماكن العامة وحتى في الزيارات العائلية قد يكون صعب احيانا.
لذلك مع ظروف الحجر الكلي كانت فرصة مشجعة بالنسبة لي أن أتفرغ فيها لطفلي.
٨- الدعم:
لا أبالغ إذا قلت أن الدعم ونوعيته الذي تتلقاه الأم المرضعة مهم جدا و يشكل فارقا كبيرا في مزاج الأم وقدرتها على الاستمرار!
الدعم قد يختلف نوعه وطريقته من أم لأخرى لكن أعتقد هناك أمور أساسية للدعم النفسي والطبي الذي يجب أن تحصل عليه الأم، سأذكر بالنسبة لي ماهو الدعم الذي كنت أحتاجه وكيف أثر علي في رحلتي مع الرضاعة الطبيعية.
العامل الأول كان مهما بالنسبة لي وجود استشارية رضاعة تتواصل معي بشكل دائم ومتى ما احتجت لها لأنني بعد الأيام الأولى من الولادة أدركت صعوبة الموضوع لذلك الحمدلله كانت الدكتورة "حسبان خضر" متواجدة معي في أي وقت أحتاجه وقدمت لي الدعم الطبي والنفسي لذلك أنا ممتنة لها كثيرا وأعي جدا مدى تأثيرها الكبير في مساعدتي ودعمي.
العامل الثاني تفهم الزوج ومساندته والحمدلله زوجي كان يعي أهمية الرضاعة وخصوصا لحالتنا الصحية التي ذكرتها سابقا لي و لطفلي، وجود دعم شخص مقرب من العائلة مهم حتى لو في أحيان كثيرة صارت هناك خلافات أو اختلافات في وجهات النظر أعتقد هذا طبيعي ويظهر مع الضغط والتعب في المراحل الأولى من وجود طفل جديد.
العامل الثالث تقبل فكرة وجود المصاعب والمشاكل وأنه متاح لكِ أنتِ الأم التراجع متى ما كانت هذه الرحلة متعبة ولم تستطيعين الاستمرار فيها، في أوقات كثيرة تراجعت فيها عن الرضاعة واستبدلتها بالحليب الصناعي لأنني كنت في وضع متعب ولا استطيع الاستمرار لذلك المرونة داعم مهم ومؤثر.
العامل الرابع في أي وقت تحتاجين للمساعدة اطلبيها ولا تنتظري من أحد أن يتفهم حالتك أو يقدم لك مساعدة بدون طلب منك.
توصلت لهذه القناعة بعد مرات كثيرة من التعب النفسي والجسدي والانهيارات المتكررة ومازلت اتعلم كيف اطلب المساعدة.
ذكرت سابقا بعض مرشدات الرضاعة اللاتي قد يشكلن سبب من أسباب الدعم للأمهات المرضعات و سأضيف هنا قنوات تواصل مجانية تقدم الدعم للأمهات:
جمعية الرضاعة الطبيعية
جمعية رعاية الطفولة
مبادرة صديقات الأم والطفل (مستشفى المملكة)
٩- الحالة النفسية:
الحالة النفسية المتأثرة بالوضع الذي كان كل العالم يعاني منه في وقت كورونا أثر علي بالتأكيد وبعدها الحالة النفسية لما مررت به في ولادتي وكيف فجأة اصبح هناك مضاعفات سريعة تفاجئت بعدها أنه يجب أن أقوم بعملية قيصرية وماحدث لي خلال العملية وبعدها كل هذه التراكمات النفسية كانت صعبة ومؤلمة.
كانت الرضاعة من الأمور التي ساعدتني أتعافى نفسيا رغم صعوبتها لكن كان هناك رابط نفسي عجيب في كل مره أرضع فيها طفلي وكنت أحاول التشافي من خلال هذه اللحظات وفي محاولاتي الكثيرة أن أستمر في الرضاعة.
لكل أم تجربتها وقدرتها وظروفها لكننا لا نختلف أن أغلب الأمهات تتحد في العطاء والمحبة والرعاية لطفلها.
لذلك أنتِ الأم اختاري لكِ ولطفلك التجربة التي تؤمنين فيها وتستطيعين العطاء فيها براحة وواقعية.
وتأكدي أنك ستجدين الدعم والمشاركة متى ما بحثتي عنها وهذه المدونة سبب تواجدها هو دعمك ومشاركتك تجارب حقيقية وواقعية تساعدك في أي تجربة تختارينها.
في حين احتجتِ المساعدة تستطعين التواصل معي عن طريق المدونة أو عن طريق حساب حليمة halimma.sa@
أتمنى لكل أم طريق ميسره وسهله كلها صحة ومحبة وتجربة رائعة مع طفلها.